مسألة: [أنواع الاستدلال]:
  واعلم أن المراد بالتلازم هنا: اللزوم، أعمُّ من أن يكون طَرْداً وعكساً(١) أو طَرْداً فقط(٢).
  وأما التنافي فبالضرورة يكون من الطرفين(٣)، لكنه قد يكون طرداً وعكساً(٤)، وقد يكون طرداً فقط(٥)، وقد يكون عكساً فقط(٦)، فأقسام التنافي ثلاثة، فالمجموع خمسة(٧):
  الأول: المتلازمان طَرْداً وعكساً، وهو كالجسم والتأليف؛ إذ كل جسم مُؤلَّف، وكل مُؤلَّف جسم، وهذا يجري فيه الأولان، وهما التلازم بين الثبوتين، وبين النفيين، كلاهما طرداً وعكساً، فيصدق «كلما كان جسماً كان مؤلفاً»، و «كلما كان مؤلفاً كان جسماً»، و «كلما لم يكن جسماً لم يكن مؤلفاً»، و «كلما لم يكن مؤلفاً لم يكن جسماً».
  الثاني: المتلازمان طرداً فقط، كالجسم والحدوث؛ إذ كل جسم حادث، ولا ينعكس في الجوهر الفرد(٨)، والعَرَض، فهذان يجري فيهما الأول، وهو التلازم بين الثبوتين طرداً؛ فيصدق: «كلما كان جسماً كان حادثاً»، لا عكساً؛ فلا يصدق: «كلما كان حادثاً كان جسماً». ويجري فيهما الثاني، وهو التلازم بين النفيين عكساً؛ فيصدق: «كلما لم يكن حادثاً لم يكن جسماً»، لا طرداً؛ فلا يصدق «كلما لم يكن جسماً لم يكن حادثاً».
(١) بمعنى: أن يكون كل منهما ملزوماً ولازماً. قسطاس.
(٢) بمعنى: أن يكون أحدهما ملزوماً والآخر لازماً من غير عكس. قسطاس.
(٣) بأن يكون كل منهما منافياً للآخر. قسطاس.
(٤) بأن يكون وجود كل منافياً لوجود الآخر، وعدمه لعدمه، وهو الانفصال الحقيقي. قسطاس.
(٥) بأن يكون وجود كل منافياً لوجود الآخر، ولا يكون عدمه منافياً لعدمه، وهو منع الجمع. قسطاس.
(٦) بأن يكون عدم كل منافياً لعدم الآخر، ولا يكون وجوده منافياً لوجوده، وهو منع الخلو. قسطاس.
(٧) أي: أقسام التلازم اثنان، وأقسام التنافي ثلاثة.
(٨) الجوهر الفرد: هو المتحيز غير المنقسم مما ليس له طول وعرض وعمق. شرح الثلاثين المسألة للمؤلف.