الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [النوع الثاني من أنواع الاستدلال: استصحاب الحال]:

صفحة 412 - الجزء 1

  الماء مع وجوده، فإن القول بذلك تهافتٌ لا يخفى على ذي لب سُقمه، وإنما قلنا باستصحاب بقاء حكم الطهارة الحكمية، وعدم بطلانها بوجود الماء إلا لدليل، والأصل عدمه.

  قولكم⁣(⁣١): فلم تشاركها حالة الوجدان ... إلخ، قلنا: هو محل النزاع، وقد علمتم أنه⁣(⁣٢) لا يجدي نفعاً، وإن أبديتم على ما ادعيتم من بطلان تلك الطهارة بوجدان الماء دليلاً من نصٍ أو إجماع أو قياس لم يضر⁣(⁣٣)؛ فإنا لا نقول بالاستصحاب مع أيها، قال: فلم يبق إلا أن المختار القول بأنه حجة، وهو الذي حكاه الإمام يحيى # عن أئمة الزيدية $، والأشعرية، والمعتزلة، والدليل على ذلك: أن ما تحقق وجوده أو عدمه في حال، ولم يُظن طروّ معارض يزيله - فإنه يلزم ظن بقائه، هذا أمر ضروري، ولولا حصول هذا الظن لما ساغ للعاقل مراسلة من فارقه، والاشتغال بما يستدعي زماناً من حراثة أو تجارة، ولا إرسال الودائع والهدايا من بلد إلى بلد بعيد، ولا القراض⁣(⁣٤) ولا الديون، ولولا الظن لكان ذلك كله سفهاً، وإذا ثبت الظن فهو مُتَّبع شرعًا لما مر⁣(⁣٥).

  نعم، قد روى صاحب الفصول عن أئمتنا $ والجمهور: أنه دليل مستقل بنفسه كما مر، ولكنه جعل المختار في المثال⁣(⁣٦) عدم العمل به؛ لأنه قال: وينقسم إلى معمول به، وهو استصحاب حكم العقل أو الشرع الثابت في الحالة الأولى في الحالة الثانية الموافقة⁣(⁣٧) حتى يَرِدَ ناقل عن ذلك، فحكم العقل كاستصحاب البراءة


(١) في (ب): «وقولكم»، وما أثبتناه هو الموافق للقسطاس للإمام الحسن #.

(٢) أي: الاحتجاج به.

(٣) لفظ القسطاس: لم يضرنا.

(٤) أي: المضاربة.

(٥) انتهى كلام الإمام الحسن #.

(٦) أي: مثال: المتيمم إذا رأى الماء في صلاته.

(٧) أي: لحكم العقل أو الشرع. الدراري المضيئة.