الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[مفهوم الصفة]

صفحة 436 - الجزء 1

  عنهم أن كل ما ظُنَّ أن لا فائدة للفظ سواه تعينت لأن تكون مرادةً، فإنه يفيد الظهور فيه فيُكتفى به.

  ورُدَّ بأن تعليق الحكم بالوصف لا يفيد نفيه عمّن لم يتصف⁣(⁣١) به، كتعليقه باللقب؛ إذ وضع الصفة في اللغة إنما هو للتوضيح في المعارف، والتخصيص في النكرات، فلا يفيد الوصف في: «جاءني زيد العالم» إلا إيضاح الذي جاءك من الأشخاص المُسمّيين بزيد، ونحو ذلك، لا نفي مجئ من ليس بعالم من الزيدين؛ إذ لم توضع للتقييد، وهو قصر الحكم على المتصف بها ونفيه عما سواه. قال الإمام الحسن #: وقد ينازع في عدم إفادتها التقييد بالوضع؛ لما مر من ثبوت ذلك بطريق الاستقراء.

  نعم، وقد ذهب الكرخي وأبو عبدالله إلى أنه يعمل منه بالوارد بياناً لمجمل، نحو: في سائمة الغنم زكاة، بعد قوله: خذ من غنمهم زكاة.

  قلنا: قد بينا أنها موضوعة للتوضيح والتخصيص، لا للتقييد، والدلالة الوضعية لا تختلف، ابتداء كانت أم بياناً أم غير ذلك، كسائر الألفاظ⁣(⁣٢).

  واعلم أن مفهوم الصفة قد يكون مشتقاً، نحو: «الثيّب أحق بنفسها»، أو غير⁣(⁣٣) مشتق، نحو: أكرم التميميين. وقد يكون متجدداً يطرأ ويزول، نحو: أكرم داخل⁣(⁣٤) الدار، وقد يكون مُتداركاً⁣(⁣٥)، نحو: اقتل الكلب المرسل العقور.


(١) بل إنما ينتفي: إما لعدم الدليل فيه فيبقى على الأصل، أو لدليل خاص. كاشف لقمان.

(٢) أي: إذا كانت الصفة لم توضع في الأصل للتقييد بل للتوضيح كما ذكرناه لم تختلف فائدتها أينما جاءت، فإذا استفيد بها التقييد في بعض المواضع فهو لأمارة غير مجرد الوصف. مرقاة الوصول للسيد داود ط/الأولى، ص ٢٠٩.

(٣) في (أ):» وغير».

(٤) فالدخول وصف متجدد يثبت تارة ويزول أخرى، فيفهم منه: أن غير داخل الدار لا يكرم.

(٥) المراد به الصفات المتتابعة.