[الخلاف في إمكان الحقيقة الشرعية]
  لنا: أن الصلاة نُقلت من الدعاء إلى أفعال مخصوصة، واستعملها أهل الشرع فيها استعمالاً يسبق معه الفهم إليها، وهذا هو معنى الحقيقة. وكذا الزكاة، نُقلت من النماء والزيادة إلى إخراج جزء(١) من المال مخصوص. والصوم من مطلق الإمساك إلى إمساك مخصوص. والحج من مطلق القصد إلى قصد مخصوص. ونحو ذلك من الإيمان والفسق كما ذكرناه أولاً، ألا ترى أن الباري تعالى ما سمى مؤمناً إلا من صدّق وعمل، حيث قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢}[الأنفال]، ونحوها.
  واعلم أن الحقيقة الشرعية قد تكون متواطئة، كالحج في الإفراد والقران والتمتع، وقد تكون مشتركة، كالصلاة في الخَمْسِ وصلاة الجنازة، وإن لم يكن لها أركان.
  (ثم) اعلم أن الكلمة لا تخلو: إما أن تتعدد لفظاً ومعنى، أو تتحد كذلك، أو تتعدد لفظاً وتتحد معنى، أو تتعدد معنى وتتحد لفظاً، فهذه أربعة أقسام:
  (إن تعددت لفظاً ومعنى) بأن تكون لفظاً كثيراً لمعنى كثير (فمتباينة) تفاصلت(٢)، مثل: إنسان وفرس، أو تواصلت(٣)، مثل سيف وصارم.
  (وإن اتحدت لفظاً ومعنى فمنفردة(٤)) كفرس، ونحوه، فإن منع تصور معناه الشركة فيه فجزئيٌّ حقيقي، كزيد، أو إضافي، كالنوع باعتبار الجنس، لا باعتبار أفراده فهو متواطئ، كرجل، وإنسان، وإلا فكليٌّ متواطئ إن استوى، كحيوان، أو مُشكك إن تفاوت، كالوجود للخالق والمخلوق. وستعرف ذلك بزيادة إيضاح فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
(١) في (ج) و (ب): «قدر».
(٢) أي: تباينت بالذوات.
(٣) أي: اتحدث بالذات.
(٤) أي: فالكلمة حينئذٍ متحدة.