[الأمر]
  إلا والفعل واجب، فلولا أنه موضوع للوجوب لما ذموه. ثم إنهم يصفون كل مأمور لم يفعل ما أُمر به بأنه عاصٍ، وهم لا يصفون بالعصيان إلا من خالف ما حُتِمَ عليه، وذلك معنى الوجوب، والباري تعالى خاطبنا بلغتهم.
  (و) لنا على أنه في الشرع لذلك أنه قد نُقل إلينا نقلاً متواتراً أو مُستفيضاً (استدلال السلف) من الصحابة (بظواهر الأوامر) مجردة(١) عن القرائن (على الوجوب(٢)) وقد تكرر ذلك وشاع وذاع، ولم ينكر عليهم أحد وإلا لنُقل(٣)، وذلك يوجب العلم العادي باتفاقهم، كالقول الصريح.
  نعم، وإذا اقترن به وعيد فللوجوب اتفاقاً. ويُحمل إذا تجرد عن القرينة على حقيقته عند كلٍّ. والخلاف في البحث عن خلافها(٤) كالعام(٥)، وسيأتي.
  هذا، (و) قد عرفناك أن الأمر (قد ترد صيغته للندب والإباحة والتهديد) وغيرها من المعاني التي قدمنا ذكرها، ولكن يجب أن يكون ورود الصيغة فيها (مجازاً) لما قدمنا من أنه للوجوب لغة وشرعاً.
  واعلم أن العبارة قد شملت ورود الأمر لا بعد الحظر الشرعي، ووروده بعده - في أنه للوجوب، وهو رأي أئمتنا $، والمعتزلة، وبعض الأشعرية والفقهاء.
  وقال جمهور الفقهاء: بل إذا ورد بعد الحظر الشرعي كان للإباحة.
  لنا: أنه لا أثر لتقدم الحظر العقلي اتفاقاً، وكذا(٦) الشرعي؛ إذ كل واحد منهما حظر يجب العمل بمقتضاه ما لم يرد دليل شرعي بخلافه.
(١) في (ج): «مطلقة مجردة».
(٢) مثل قوله ÷ في المجوس: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب»، وقوله ÷ في ناسي الصلاة: «فليصلها حيث ذكرها». منهاج.
(٣) في (ج): «نقل إلينا».
(٤) أي: عن خلاف الحقيقة.
(٥) أي: كالخلاف في البحث عن المخصص للعام.
(٦) في (ج): «فكذا».