الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [حكم العمل بالعام قبل البحث عن المخصص]:

صفحة 503 - الجزء 1

  فلا يقبل التخصيص بالنية، فيحنث بذلك. وقال الغزالي: عام في مفعولاته، فيقبل التخصيص، لا في الأزمنة والأمكنة.

  لنا: أن «لا أكلت» لنفي حقيقة الأكل، وإنما يتحقق نفيه بالنسبة إلى كل مأكول؛ ولذا يحنث بأي أكل اتفاقاً، وذلك هو معنى العموم، فوجب قبوله للتخصيص كما لو صرح به.

  نعم، وهذا الخلاف في قبوله للتخصيص بالإرادة، أما باللفظ فيصح في الجميع اتفاقاً.

  وكذا إذا أكد الفعل بمصدره، نحو: «إن أكلت أكلاً فعبدي حرٌ» و «والله لا آكل أكلاً» فإنه يقبل التخصيص بالنية واللفظ اتفاقاً. وكذا إذا ذُكر المتعلق، فإن الأمر على ما يقتضيه من عموم أو خصوص بلا خلافٍ يُعلم.

مسألة: [حكم العمل بالعام قبل البحث عن المخصص]:

  (و) المختار (أنه يحرم العمل بالعام قبل البحث عن مخصصه) المنفصل، وهذا مذهب أئمتنا $ والجمهور، لكن إذا ضاق الوقت عن البحث فقيل: يعمل بالعموم احتياطاً، وقيل: لا. وقال الصيرفي، والرازي، والسبكي، والبيضاوي⁣(⁣١)، وغيرهم: لا يجب البحث أصلاً، بل يعمل بالعام حتى يوجد المخصص.

  قلنا: إنه يضعف الظن ببقائه كذلك⁣(⁣٢) ولا يقوى⁣(⁣٣) إلا بعد البحث؛ لكثرة المخصص في الشرع، حتى⁣(⁣٤) قيل: لا عام إلا مُخصَّص، إلا قوله تعالى:


(١) هو أبو سعيد عبدالله بن عمر البيضاوي، من كبار علماء الشافعية، (ت ٦٨٥ هـ) في تبريز.

(٢) أي: على عمومه، وإذا لم يبق الظن بعمومه حصل الشك فيه، والعمل بالشك في الأحكام الشرعية لا يجوز.

(٣) أي: الظن.

(٤) في (ب): «حتى إنه قيل».