الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [الاستثناء بعد الجمل المتعاطفة:]

صفحة 517 - الجزء 1

مسألة: [الاستثناء بعد الجمل المتعاطفة:]

  (و) المختار (أنه) إذا وقع الاستثناء ونحوه من الشرط، والغاية، والصفة (بعد) الجملتين أو (الجمل) فأما بعد المفردات نحو: «تصدق على الفقراء والمساكين وابن السبيل إلا الفسقة منهم» فهو أولى بعوده إلى الكل من الوارد بعد الجمل؛ لعدم استقلال المفردات. وفي كلام ابن الحاجب وغيره ما يؤخذ منه الاتفاق على أنه بعد المفردات يعود إلى الجميع.

  والمراد بتلك الجمل: (المتعاطفة) بالواو كما قاله الآمدي - لا بالفاء أو ثُمَّ - مثلاً - فيعود إلى الأخيرة⁣(⁣١)، خلاف ما قاله السبكي من عدم الفرق - (يعود إلى جميعها) لأنه الظاهر، فيُحمل على أنه استثناء من كل واحدة منها (إلا لقرينة) تقتضي رجوعه إلى بعضها. وهذا مذهب أبي طالب، والمنصور @، والشافعية، وهو ظاهر مذهب الهادي والقاسم وغيرهما من أئمتنا $.

  وقال أبو عبدالله، والحنفية، والرازي: بل يرجع إلى الأخيرة⁣(⁣٢) خاصة، إلا لقرينة تقتضي رجوعه إلى غيرها. وقال الموسوي: مشترك⁣(⁣٣). وتوقف الغزالي والباقلاني وغيرهما، بمعنى: لا ندري أنه حقيقة في أيهما. وليس الخلاف في الإمكان بل في الظهور⁣(⁣٤). وقال ابن الحاجب: المختار أنه إن ظهر الانقطاع للأخيرة عما قبلها بأمارة فللأخيرة، وإن ظهر الاتصال فللجميع، وإن لم يظهر أحدهما وجب التوقف.

  قال الإمام الحسن #: ومرجع هذا المذهب إلى الوقف؛ لأن القائل به⁣(⁣٥)


(١) أي: إذا كان العطف بالفاء أو ثم.

(٢) لأنه المُتيقن. هامش (أ).

(٣) بين عوده إلى الجميع وإلى الأخيرة، فيتوقف إلى ظهور القرينة. دراري مضيئة.

(٤) لفظ القسطاس بمعنى لا ندري أنه حقيقة في أيهما؛ لأن الخلاف إنما هو في الظهور؛ إذ لا نزاع في أنه يمكن أن يرد إلى الجميع وإلى الأخيرة خاصة.

(٥) أي: بالوقف. من (أ).