[ما عد من المخصصات المنفصلة وليس منها]
  فاختلف فيه (و) المختار وفاقاً لأئمتنا $ والجمهور (أنه) لا يعتبر بخصوص السبب، بل بعموم اللفظ؛ فـ (ـلا يقصر) ذلك (العموم على سببه) ومثال السؤال قوله ÷ حين سُئل عن بئر بضاعة(١): «خُلِق الماء طهوراً لا ينجسه شيء إلا ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه». وهكذا ما جاء من العموم مستقلاً، وله سبب غير سؤال، كقوله ÷ حين مرّ بشاة ميمونة وقد ماتت: «أيما إهاب دُبِغَ فقد طهر».
  وقال بعض السلف، ومالك، والشافعي، وأبو بكر الفارسي: لا عبرة بعموم اللفظ، بل بخصوص السبب، فيقصر عليه إلا لدليل؛ فيُحكم بطهورية ماء بئر بضاعة، وطهر إهاب تلك الشاة فقط.
  لنا: أن الدليل إ نما هو اللفظ لا السبب، واللفظ عام، فلا يجوز العدول عن ظاهره لغير دلالة، وخصوص السبب لا يصلح معارضاً؛ إذ لا منافاة قطعاً، فإنه لو قال: «تمسكوا بهذا العموم» لم يكن مخالفة(٢) للظاهر. وأيضاً فإن الأصل عدم المنافاة، فمن ادعاها فعليه البيان، وحينئذٍ يكون الحكم عامًّا.
  ولنا - أيضاً - أن الصحابة عممت أكثر العمومات مع ابتنائها(٣) على أسباب خاصة، كآية السرقة، وآية الظهار، وآية اللعان، وآية القذف، فإنهن نزلن في: سرقة المِجَنِّ(٤) أو رداء صفوان على اختلاف الرواية، وفي سلمة بن صخر، وفي هلال بن أمية، وفي عائشة.
(١) فقالوا: يا رسول الله، أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها خرق الحيض ولحوم الكلاب والنتن؟
(٢) في (ج): «مخالفاً».
(٣) في (ج): «مع انبنائها».
(٤) هو الترس. نهاية.