الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[حقيقة البيان]

صفحة 545 - الجزء 1

[حقيقة البيان]:

  (و) أما (البيان) فله معنيان: أعم، وأخص، فالأعم: خلق العلوم الضرورية⁣(⁣١)، ونصب الطرق العقلية والسمعية. فقولنا: «الطرق» أولى من الأدلة⁣(⁣٢)؛ لأنه يشمل ما كُلِّفنا من معلوم ومظنون.

  قال الإمام الحسن #: وهذا التفسير هو⁣(⁣٣) الذي أراده ابن الحاجب بقوله: يطلق البيان على فعل المُبيِّن، وهو التبيين، كالسلام والكلام للتسليم والتكليم. واشتقاقه من بَانَ إذا ظهر أو انفصل.

  والأخص وهو المراد هنا (ما يتبيّن به المراد بالخطاب المجمل) وهذا يشمل العلم الضروري، والدلالة، والأمارة. وقد خرج من ذلك البيان ابتداءً بلا إشكال؛ فلذلك وقع الخصوص والعموم بين الحدين⁣(⁣٤).

  (و) اعلم أنه (يصح البيان) للأحكام الشرعية (بكل) واحد (من الأدلة السمعية) أي: بطرق الشرع - فتدخل الأمارة - كقول الله تعالى⁣(⁣٥)، وقول رسوله ÷(⁣٦) اتفاقاً، وفعله - كصلاته وحجه - وإشارته⁣(⁣٧)، وبالإجماع والقياس⁣(⁣٨)، خلافاً لأبي بكر الدقاق مطلقاً، ولأبي عبدالله في التقرير⁣(⁣٩).


(١) وهي التي نعلم بها ما كلفناه. مرقاة السيد داود ص ١٩٠ ط/الأولى.

(٢) لأنه لو قال الأدلة لخرج الأمارات التي تبين ما كلفناه من المظنونات، كالأمارات التي يستدل بها على القبلة. المصدر السابق.

(٣) سقط من (أ): «هو».

(٤) أي: بين حدي البيان الأعم والأخص.

(٥) مثل قوله تعالى: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا}⁣[البقرة ٦٩] بعد قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}⁣[البقرة ٦٧].

(٦) مثل قوله ÷: «فيما سقت السماء العشر». فإنه بيان لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}⁣[الأنعام ١٤١].

(٧) كما أشار إلى عدد الشهر بأصابعه، فقال: «الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا» وحبس في الثالثة اصبعه.

(٨) كما لو قال ÷: يحرم الخمر لكونه مسكراً، فإن ذلك يدل على تحريم النبيذ بالقياس على تحريم الخمر، وذلك بجامع الاسكار.

(٩) لفظ الفصول بعد تعريف البيان: ويكون بالعقل كالتخصيص به وبطرق الشرع، كقوله تعالى، وقول رسوله ÷ اتفاقاً وفعله كصلاته وحجه، وإشارته خلافاً للدقاق وتركه، كسكوته وكذا بتقريره، خلافاً لأبي عبدالله وبالإجماع والقياس. ص ٢٠٦.