[2 - عدم التأبيد]
  الدوام لا لغةً ولا عرفاً عامًّا ولا خاصًّا بأهل الشرع، فإذا اعتقد دوامه لغير دليل فقد أُتيَ(١) من جهة نفسه لا من جهة الله تعالى، فلا يجب الإشعار. وكذلك مع التقييد به فإنه لا يقتضي الدوام على وجه لا يجوز أن ينسخ معه؛ بدليل قوله تعالى في شأن اليهود: {وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا}[الجمعة ٧]، ثم أخبر بأن أهل النار يتمنون الموت حيث قال: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}[الزخرف ٧٧]، ولا شك أن الأحب إليهم كلهم الموت في تلك الحال؛ فلا يقال يبنى العام على الخاص(٢).
[٢ - عدم التأبيد]:
  مسألة: (و) لا يشترط عند أئمتنا $ والجمهور عدم التأبيد، بل يجوز (نسخ ما قُيِّدَ بالتأبيد) - مثل أن يقول: «صوموا أبداً» - كما يجوز نسخ المطلق، خلافاً لبعض الفقهاء.
  لنا: أنه قد ثبت جواز تخصيص العام المؤكد بـ «كل» و «أجمعين»، فيجوز نسخ ما قُيِّدَ من الفعل بالتأبيد؛ لأنه بمثابة التأكيد، ومرجعهما إلى التخصيص، غير أن أحدهما في الأعيان والآخر في الأزمان، وذلك لا يقتضي الفرق بينهما.
[٣ - البدل]:
  مسألة: (و) لا يشترط عند أئمتنا $ والجمهور البدل، فيجوز النسخ للتكليف (إلى غير) تكليف آخر (بدل) عنه، خلافاً للأقل مطلقاً(٣)، ولقوم في الوقوع.
(١) في (أ)، (ب): أتى.
(٢) بأن يقال: إن الله لم يخبر عن اليهود أنهم تمنوه، بل أخبر عن أهل النار، فيجوز أن يكون المتمني غيرهم فلا يقال ذلك؛ لأنه لا شك أن الأحب إليهم كلهم - يهود وغيرهم من المجرمين - الموت في تلك الحال.
(٣) أي: في الجواز والوقوع، والقائل بهذا هو داود الظاهري، ويحكى عن الشافعي. مرقاة الوصول.