الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[هل الزيادة على العبادة نسخ لها أم لا؟]

صفحة 578 - الجزء 1

  قلنا: لو صح نسخ الشيء قبل إمكان فعله على أي صفة كان إذاً لنهى⁣(⁣١) عن نفس ما أمر به أو العكس، فيكون⁣(⁣٢) بداء حيث تبين له من بعد القُبْحَ أو⁣(⁣٣) الحُسْنَ، أو قصداً⁣(⁣٤) إلى النهي عن الحسن أو الأمر بالقبيح، وعبثاً⁣(⁣٥) حيث لم يتبين له ما لم يكن قد عرفه مما ذكر⁣(⁣٦)، وكل ذلك في حقه تعالى محال، فما أدّى إلى المحال فهو محال.

[هل الزيادة على العبادة نسخ لها أم لا؟]:

  مسألة: (والزيادة على العبادة) إن لم يكن لها تعلق بالمزيد عليه - كصلاة سادسة - فليست بنسخ، خلافاً لبعض الحنفية، قالوا: لأنها نسخ للوسطى. وهو باطل؛ لأن كونها الوسطى هو المُبطَل، وليس حكماً شرعيًّا؛ فليس بنسخ.

  فإن كان لها تعلق به: فإن كانت مقارنة له في خطاب واحد، كغسل الأيدي بعد الوجه في آية الوضوء، أو كانت واجبة بطريق التبعية، كغسل جزء من الرأس بعد الأمر بغسل الوجه⁣(⁣٧)، أو مبينة لمجمل، كإيجاب النية والترتيب بعد نزول آية الوضوء، ونحو⁣(⁣٨) هذه الصورة - فكذلك⁣(⁣٩) اتفاقاً.


(١) أي: الناسخ. وفي (أ): «لنُهيَ».

(٢) أي: النسخ.

(٣) في (أ): «والحسن».

(٤) معطوف على بداءً

(٥) منصوب بفعل مقدر، أي: ويكون عبثاً أو ويصير عبثاً ونحو ذلك. من هامش الكاشف.

(٦) أي: من القبح والحسن.

(٧) فإن هذه الزيادة قد وجبت قبل الأمر بها؛ لأنه لا يتم الواجب إلا بها. الدراري المضيئة.

(٨) قال في الجوهرة: وهي صور ثلاث: الصورة الأولى: أن يكون المزيد عليه قد أشعر بالزيادة بأن يتضمنهما معنى واحد وإن اختلفا في الصورة والاسم، كقطع المحرم للخفين من أسفل الكعبين، فإنه زائد في ظاهر اللفظ على ما أبيح له من لبس النعلين.

الصورة الثانية: الزيادة الواردة بعد التعذر في المزيد عليه، كقطع رجل السارق بعد ذهاب يده.

الصورة الثالثة: أن تقترن الزيادة بالمزيد عليه وإن أفادت الزيادة في الحكم ما كان المزيد عليه يفيده ويفيد معه سواه، كقوله ÷: «في سائمة الغنم زكاة» وقوله ÷: «في كل أربعين من الغنم زكاة». باختصار من الدراري المضيئة.

(٩) أي: ليست بنسخ.