الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه:

صفحة 616 - الجزء 1

  وهذا إذا تمكن من إخباره، ولم يكن المستفتي قد عمل بالأول، كأن يقلده في صحة أداء فريضة الحج بنية النفل، ثم تغيّر اجتهاده قبل أن يحرم، أو كان قد عمل ولكن الحكم مستدام، كالنكاح، نحو: أن يتزوج امرأة - مثلاً - بغير ولي عند ظن إمامه صحة ذلك، ثم تغير اجتهاده، وقلنا: إن الاجتهاد الأول ليس بمنزلة الحكم، كما هو مذهب بعض أئمتنا $ وأبي يوسف⁣(⁣١)، وإن قلنا إنه بمنزلة الحكم - كما هو مذهب بعض أئمتنا $ والقاضي ومحمد - فإنه يعمل بالأول.

  قلت: أما مالم يعمل ووقته باقٍ، أو عملت مقدماته دونه - فإنهم قد ذكروا أنه يعمل فيه بالاجتهاد الثاني، ولم يُحكَ في ذلك خلاف، بخلاف ما قد عُمِلَ ولا ثمرة له مستدامه، كالحج - فإنه لا حكم لرجوعه؛ لتعذر التلافي حينئذٍ، وليس كذلك تلك الصورتان، فإن التلافي فيهما ممكن.

  وقد قيل: المراد بالتمكن ما لم يحتج فيه إلى سفر ومؤنة⁣(⁣٢).

  نعم، وهذا كله إذا كانت المسألة اجتهادية، ولم يُقَصِّر في ذلك الاجتهاد، فأما إن كانت قطعية، أو كان مقصراً - فلا شبهة في لزوم تلافي ما كان منه من الخديعة للعامي. قيل: ولو ببذل مال كثير ما لم يخش ضرراً من ذلك، أو فوت أهم منه من الواجبات.


(١) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب، من أصحاب الحديث، ثم تفقه على محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى ثم أبي حنيفة، (ت ١٨٢ هـ) في بغداد.

(٢) هذا الكلام مختصر من القسطاس، ولفظه: وقد يقال ما أردتم بالتمكن؟ هل القدرة والاستطاعة لزمه أن يتبعه في الأمصار والأنجاد والأغوار، والقول بذلك سيما حيث تشتت المستفتون حيف وغلط، أو أردتم به اليسر فرد إلى جهالة؛ إذ لا حد ولا حاصر له، وقد قيل: المراد ما لم يُحتج منه إلى سفر ومؤنة، لكن اللفظ لا يؤديه والسياق لا يقتضيه. القسطاس.