مسألة: [الترجيح بين النقليين بالحكم:]
  (و) الثاني: أنه يرجح ما فيه (الإثبات على) ما فيه (النفي) كحديث بلال «أنه ÷ دخل البيت وصلى»، وقال أسامة: «دخل ولم يصلِّ»؛ وذلك لأن غفلة الإنسان عن الفعل كثيرة، فيحتمل أن يكون مبنى النافي على الغفلة؛ [ولأن المثبت يفيد زيادة علم](١)، ولأن المثبت يفيد التأسيس(٢)، والنافي يفيد التأكيد(٣)، والإفادة خيرٌ من الإعاده. وقيل: عكسه. وقيل: سواء.
  قال بعض الأصوليين والفقهاء: ويجوز مخالفة الحاظر والمبيح المتعارضين لحكم العقل(٤)، فيكونان شرعيين معاً، قال أبو هاشم والقاضي وابن أبان: ويتساقطان حينئذٍ، ويرجع إلى غيرهما من أدلة الشرع إن وجد، وإلا فإلى حكم العقل المخالف لهما.
  وقال الشافعي والكرخي: بل الحاظر أولى.
  وقال أئمتنا $ وأبو الحسين: بل يجب مطابقة أحدهما لحكم العقل، والناقل أرجح.
  قال في الفصول: والتحقيق أن جواز ذلك(٥) إنما يستقيم على مذهب نفاة الأحكام العقلية، كالأشعرية وغيرهم(٦)، لا على مذهب من يثبتها، كأئمتنا $ والمعتزلة، فلا بد من مطابقة أحدهما لحكم العقل في عينه أو جنسه.
  نعم، والقول بأن الناقل لحكم العقل أرجح من الموافق له هو مذهب أئمتنا $ والجمهور.
(١) ما بين القوسين سقط من (أ).
(٢) وهو إثبات ما لم يكن ثابتاً.
(٣) لأن الأصل النفي. قسطاس.
(٤) كما إذا اقتضيا الحظر والإباحة، والعقل يقضي بالوجوب.
(٥) أي: مخالفتهما لحكم العقل. الدراري المضيئة.
(٦) كالإمامية. المصدر السابق.