الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [الترجيح بين النقليين بالحكم:]

صفحة 653 - الجزء 1

  (و) الثاني: أنه يرجح ما فيه (الإثبات على) ما فيه (النفي) كحديث بلال «أنه ÷ دخل البيت وصلى»، وقال أسامة: «دخل ولم يصلِّ»؛ وذلك لأن غفلة الإنسان عن الفعل كثيرة، فيحتمل أن يكون مبنى النافي على الغفلة؛ [ولأن المثبت يفيد زيادة علم]⁣(⁣١)، ولأن المثبت يفيد التأسيس⁣(⁣٢)، والنافي يفيد التأكيد⁣(⁣٣)، والإفادة خيرٌ من الإعاده. وقيل: عكسه. وقيل: سواء.

  قال بعض الأصوليين والفقهاء: ويجوز مخالفة الحاظر والمبيح المتعارضين لحكم العقل⁣(⁣٤)، فيكونان شرعيين معاً، قال أبو هاشم والقاضي وابن أبان: ويتساقطان حينئذٍ، ويرجع إلى غيرهما من أدلة الشرع إن وجد، وإلا فإلى حكم العقل المخالف لهما.

  وقال الشافعي والكرخي: بل الحاظر أولى.

  وقال أئمتنا $ وأبو الحسين: بل يجب مطابقة أحدهما لحكم العقل، والناقل أرجح.

  قال في الفصول: والتحقيق أن جواز ذلك⁣(⁣٥) إنما يستقيم على مذهب نفاة الأحكام العقلية، كالأشعرية وغيرهم⁣(⁣٦)، لا على مذهب من يثبتها، كأئمتنا $ والمعتزلة، فلا بد من مطابقة أحدهما لحكم العقل في عينه أو جنسه.

  نعم، والقول بأن الناقل لحكم العقل أرجح من الموافق له هو مذهب أئمتنا $ والجمهور.


(١) ما بين القوسين سقط من (أ).

(٢) وهو إثبات ما لم يكن ثابتاً.

(٣) لأن الأصل النفي. قسطاس.

(٤) كما إذا اقتضيا الحظر والإباحة، والعقل يقضي بالوجوب.

(٥) أي: مخالفتهما لحكم العقل. الدراري المضيئة.

(٦) كالإمامية. المصدر السابق.