مسألة: [الترجيح بين النقليين بالحكم:]
  والعمل به لرجحانه على الموافق لا لنسخه، خلافاً للقاضي؛ إذ لا قطع بتأخره. وقيل: الموافق أرجح. قلنا: الناقل أبلغ تحقيقاً؛ ولذا ترجح بينة الخارج على بينة الداخل.
  (و) الثالث: يرجح (الدارئ للحد على المُوجِب له) لِمَا في الدرء من اليسر(١) الذي قد عُلِمَ شوق(٢) الشارع إليه(٣)، قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}[البقرة ١٨٥]، وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج ٧٨]، هذا مذهب ابن أبان، والشيخ الحسن، وبعض الفقهاء. وقال القاضي والمتكلمون: بل العكس. وقال الإمام يحيى # والغزالي: سواء. وقال أبو طالب #: إن كان الدارئ مبقياً على حكم العقل فقط فالموجب أرجح(٤)، وإن(٥) أفاد مع التبقية حكماً شرعيًّا فهما سواء.
  وأما المهدي # فإنه اختار في الترجيح مذهبَ ابن أبان ومن معه كما ذكره المصنف، وفي باب الأخبار مذهبَ القاضي، واحتج لذلك بأن المثبت أكثر تحقيقاً، والأصل البراءة، فهو بمثابة بينة الخارج مع بينة الداخل؛ ولأن الموجب فائدته التأسيس، والداريء التأكيد.
  (و) الرابع: أنه يرجح (الموجب للطلاق و العتق على الآخر)(٦)
(١) ولأن الخطأ في ترك الحد أهون من الخطأ في فعله؛ ولهذا قال الإمام علي #: (لئن أخطئ في العفو أحب إليّ من أن أخطئ في العقوبة) مرقاة السيد داود.
(٢) في (ب): تشوق.
(٣) بمعنى أن اليسر مراد ومقصود للشارع.
(٤) لنقله لحكم العقل.
(٥) في (أ): «فإن».
(٦) مثال نافي الطلاق والعتق مع موجبهما قوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه» مع قوله: «كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمجنون»، وفي رواية: «إلا طلاق المعتوه»، وقوله ÷: «من ملك ذا رحم محرم عتق عليه»؛ لاقتضاء قوله: «رفع عن أمتي ... إلخ» عدم وقوع طلاقِ المكره، والعتقِ من مالك ذي رحم، لأنه عتق عليه من غير رضاه، واقتضاء الحديثين الأخرين صحة وقوعهما منهما. هامش كاشف لقمان.