مسألة: [الترجيح بين النقليين بأمر خارج:]
  (و) الثالث: أنه يرجح (بقرينة) تدل (على تأخره) وذلك كتأخر إسلام راويه؛ إذ الآخر(١) يجوز أن يكون قد سمعه قبل إسلامه، سيما إن عُلم موت الآخر قبل إسلامه. أو كونه مؤرخاً أو بمثل تاريخ مضيق، والآخر مؤرخ بتاريخ موسع(٢)، كقبل موته بشهر(٣)؛ لاحتمال كون الآخر قبل بأكثر. أو مثل أن يكون فيه تشديد؛ لتأخر التشديدات، فإنها إنما جاءت حين علت شوكة الإسلام.
  هذا، ويرجح العام الوارد على سبب(٤) خاص على العام المطلق في حق السبب؛ لقوة دلالته فيه، لا في غيره(٥)، فالمطلق أرجح؛ وذلك للخلاف في تناول الوارد على سبب لغير السبب. والخطاب شفاهاً مع العام كذلك(٦) فيقدم عام المشافهة فيمن شُوْفِهُوا؛ لقوة عام المشافهة فيهم، وفي غيرهم(٧) الآخر؛ للخلاف في تناوله(٨).
(١) أي: الراوي الآخر يجوز أن يكون قد سمعه قبل إسلام الراوي المتأخر إسلامه.
(٢) كأن يقول الراوي سمعته قبل موته. مرقاة السيد داود.
(٣) هذا مثال للمضيق، ومثاله: حديث عبدالله بن عكيم أنه أتاه كتاب رسول الله ÷ قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، فهو أولى بالعمل من قول الرسول ÷ في شاة ميمونة: «هلا انتفعتم بجلدها، أيما إهاب دبغ فقد طهر».
(٤) ومثاله قوله ÷ وقد مرَّ بشاة ميمونة: «أيما إهاب دبغ فقد طهر»، مع قوله ÷: «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» فيرجح الأول بالنسبة إلى الشاة، لأن محذور المخالفة فيه نظرًا إلى تأخير البيان عما دعت الحاجة أتم من المحذور اللازم من المخالفة في الآخر؛ لكونه غير وارد في تلك الواقعة. هامش (أ).
(٥) أي: في غير ذلك السبب.
(٦) أي: أن الخطاب للسامع الواقع شفاهاً مع العام حكمه حكم العام الوارد على سبب خاص حتى يرجع الشفاهي على العام فيمن خوطب شفاهًا، وترجيح العام عليه في غير من خوطب شفاهًا، مثاله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ...} الآية [البقرة ١٧٨]، مع قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}[آل عمران ٩٧] فإنهما إذا تعارضا في حق من ورد الخطاب إليه شفاهاً وهم الموجودون في ذلك الزمان فخطاب المشافهة أولى، وإن تقابلا بالنظر إلى غيرهم فخطاب غير المشافهة أولى. مرقاة السيد داود ص ٥٨٢ ط/الأولى.
(٧) أي: وفي غير من شوفهوا يقدم الآخر، وهو الذي عارض عام المشافهة.
(٨) أي: للخلاف في تناول عام المشافهة لغير من شوفهوا.