الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [الترجيح بين العقليين:]

صفحة 659 - الجزء 1

  الذي لا يدل دليل خاص على تعليل حكم الأصل فيه بما علل به، فإن الأول أبعد عن التعبد والقصور والخلاف.

  (و) أما النوع الثاني: وهو ترجيحه بحسب علة الحكم في الأصل، فيرجح (بكون علته أقوى) من علة الآخر، إما (لقوة طريق وجودها في الأصل) بأن يكون وجودها فيه مقطوعاً⁣(⁣١) به أو مظنوناً⁣(⁣٢) بالظن الأغلب، وطريق وجود الأخرى دون ذلك. (أو) لقوة (طريق كونها علة) بأن تكون ثابتة بالنص الذي لا يحتمل غير العلية، نحو: لعلة كذا، فيرجح على الثابتة بالظاهر الذي يحتمل غيرها، كاللام. وهما يرجحان على الثابتة بالإيماء. والثابتة بالإيماء على المستنبطة مُنَاسِبةً كانت أو شَبَهيَّة. ويرجح بالإيماء مع المناسبة على الثابتة به من دونها. وإيماء الدلالة القطعية كالكتاب على إيماء الدلالة الظنية كالسنة المظنونة. والثابتة بالإجماع الظني على مثلها، على حسب ما تقدم في مراتب الإجماع. والمناسبة المؤيدة بالسبر أو التقسم أو الدوران على المناسبة الخالية من ذلك. وهي⁣(⁣٣) على الشبهية. والشبه الخلقي على الحكمي عند قوم⁣(⁣٤). وقيل: عكسه⁣(⁣٥). والمختار أنه محل اجتهاد⁣(⁣٦).

  (أو بأن يصحبها علة أخرى تقويها) دون الأخرى؛ إذ لا شبهة في إفادة ذلك للقوة.


(١) كأن يكون محسوساً نحو كون البر مكيلاً أو مطعوماً. هامش كاشف.

(٢) كإذا كان طريقه السبر وطريق الآخر الدوران. هامش (أ).

(٣) أي: المناسبة.

(٤) قالوا: لأنه أشبه بالعلل العقلية، ومثاله: قول أصحابنا والشافعي: يحرم البر بالبر، فقال الشافعي: للطعم؛ فيحرم التفاضل في المطعوم وإن لم يقدر، وقال أصحابنا: للتقدير؛ فيحرم التفاضل في المكيل والموزون وإن لم يكونا طعماً. الدراري المضيئة.

(٥) أي: يرجح الحكمي على الخلقي؛ ووجه ذلك اعتبار الشارع للحكم في كثير من الأمور، فكذا في العلل الشرعية. المصدر السابق.

(٦) يحكم فيها المجتهد بحسب ما يترجح له. المصدر السابق.