الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [في الجائز]:

صفحة 70 - الجزء 1

مسألة: [في الجائز]:

  (والجايز يطلق على) أربعة معانٍ:

  أحدها: (المباح) وقد تقدم حده، وهو نحو أن يقال: التزين بثياب الزينة جائز، أي: مباح.

  (و) ثانيها: أنه (يطلق على الممكن) أي: الذي لا يمتنع (عقلاً) نحو أن يقال: كون جبريل # الآن في الأرض جائز، أي: لا مانع منه في العقل. أو (شرعاً) نحو: أن يقال: الأكل بالشمال جائز، أي: لا مانع منه في الشرع.

  (و) ثالثها: أنه يطلق (على ما استوى فعله وتركه) عقلًا⁣(⁣١) لا لتعارض دليليهما، بل لأنه لا طريق إلى ترجيح امتناعه على جوازه، ولا طريق إلى ترجيح جوازه، وأقرب ما يُمثَّلُ به: ارتفاع الحياة بمعنى يطرأ عليها؛ فإنه لا طريق إلى امتناعه ولا إلى جوازه، بل يستوي فيه الامتناع وعدمه في أنه لا طريق إلى أيهما.

  (و) رابعها: أنه يطلق (على المشكوك فيه) وهو الذي تعارضت فيه أمارتا الثبوت والانتفاء⁣(⁣٢) عقلاً أو شرعاً.

  مثال العقلي: ما يقوله المتوقفون في أصل الأشياء: هل هو على الحظر أو على الإباحة؟ فإن المتوقف في كون ذلك ممتنعاً أو غير ممتنع يصفه بأنه جايز الأمرين، أي: الحظر وعدمه؛ لاستواء الأمرين عنده؛ لتعارض دليليهما.

  ومثاله في الشرع: ما يقوله المتوقف في حِلِّ لحم الأرنب، أو في وجوب صلاة العيدين⁣(⁣٣)؛ لتعارض أمارتي الأمرين جميعاً، فذلك كله صحيح.


(١) كفعل الصبي. هامش (ب).

(٢) أي: هناك أمارة تقتضي ثبوته وأخرى تقتضي نفيه في العقل أو الشرع.

(٣) في (ج) العيد.