[الخطاب الذي تثبت به الرخصة]
  ومعنى لولا العذر: أن المحرِّم كان محِّرماً مُثبِتاً للحرمة في حقه(١) أيضاً لولا العذر؛ فهو قيدٌ لوصف التحريم، لا للقيام، فليتأمل.
  وخرج من الرخصة الحكم ابتداء؛ لأنه لا مُحرِّم له. وخرج ما نُسخ تحريمه؛ لأنه لا قيام للمُحرَّم(٢) حيث لم يبقَ معمولاً به.
  وخرج ما خُصَّ(٣) من دليل المُحرِّم؛ لأن التخلَّف ليس بمانع(٤) في حقِّه، بل التخصيص بيان(٥) أن الدليل لم يتناوله.
  وخرج أيضاً وجوب الإطعام في كفارة الظهار عند فقد الرقبة؛ لأنه الواجب ابتداء على فاقد الرقبة، كما أن الإعتاق هو الواجب ابتداء على واجدها.
[الخطاب الذي تثبت به الرخصة]:
  نعم، وثبوت الرخصة بخطاب التكليف، كقوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه}[الأنعام ١١٩]، وقوله ÷: «إن الله يحب أن تؤتى رخصة ..»(٦).
  وقال الآمدي(٧): بل بخطاب الوضع، بمعنى: أن الشارع نصب الضرورة علامةً لإباحة الفعل أو الترك. وجعل(٨) أصناف خطاب الوضع ستة: الحكم بالسببيةِ، والشرطيةِ، والمانعيةِ، والصحةِ، والبطلانِ، والسادس: العزيمة والرخصة. ووافقه السبكي في الصحة والبطلان. وقد تقدم أن الحكم بهما أمر
(١) أي: حق المكلف. من (أ).
(٢) في (ج) للحرمة.
(٣) كخروج الجراد والسمك من عموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}؛ لأنه خص بقول الرسول ÷: «أحل لكم ميتتان ودمان ...» الخ. منه.
(٤) «لمانع» ظ، وهي عبارة الدراري والسعد في شرح العضد.
(٥) في الدراري: «بيَّن» ..
(٦) تمام الحديث: «كما يحب أن تؤتى عزائمه».
(٧) الآمدي هو أبو الحسن علي بن محمد بن سالم التغلبي، من علماء الشافعية، أصولي محقق، ت (٦٣١ هـ). طبقات الشافعية ٥/ ١٢٩.
(٨) أي: الآمدي.