الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الخطاب الذي تثبت به الرخصة]

صفحة 75 - الجزء 1

  ومعنى لولا العذر: أن المحرِّم كان محِّرماً مُثبِتاً للحرمة في حقه⁣(⁣١) أيضاً لولا العذر؛ فهو قيدٌ لوصف التحريم، لا للقيام، فليتأمل.

  وخرج من الرخصة الحكم ابتداء؛ لأنه لا مُحرِّم له. وخرج ما نُسخ تحريمه؛ لأنه لا قيام للمُحرَّم⁣(⁣٢) حيث لم يبقَ معمولاً به.

  وخرج ما خُصَّ⁣(⁣٣) من دليل المُحرِّم؛ لأن التخلَّف ليس بمانع⁣(⁣٤) في حقِّه، بل التخصيص بيان⁣(⁣٥) أن الدليل لم يتناوله.

  وخرج أيضاً وجوب الإطعام في كفارة الظهار عند فقد الرقبة؛ لأنه الواجب ابتداء على فاقد الرقبة، كما أن الإعتاق هو الواجب ابتداء على واجدها.

[الخطاب الذي تثبت به الرخصة]:

  نعم، وثبوت الرخصة بخطاب التكليف، كقوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه}⁣[الأنعام ١١٩]، وقوله ÷: «إن الله يحب أن تؤتى رخصة ..»⁣(⁣٦).

  وقال الآمدي⁣(⁣٧): بل بخطاب الوضع، بمعنى: أن الشارع نصب الضرورة علامةً لإباحة الفعل أو الترك. وجعل⁣(⁣٨) أصناف خطاب الوضع ستة: الحكم بالسببيةِ، والشرطيةِ، والمانعيةِ، والصحةِ، والبطلانِ، والسادس: العزيمة والرخصة. ووافقه السبكي في الصحة والبطلان. وقد تقدم أن الحكم بهما أمر


(١) أي: حق المكلف. من (أ).

(٢) في (ج) للحرمة.

(٣) كخروج الجراد والسمك من عموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}؛ لأنه خص بقول الرسول ÷: «أحل لكم ميتتان ودمان ...» الخ. منه.

(٤) «لمانع» ظ، وهي عبارة الدراري والسعد في شرح العضد.

(٥) في الدراري: «بيَّن» ..

(٦) تمام الحديث: «كما يحب أن تؤتى عزائمه».

(٧) الآمدي هو أبو الحسن علي بن محمد بن سالم التغلبي، من علماء الشافعية، أصولي محقق، ت (٦٣١ هـ). طبقات الشافعية ٥/ ١٢٩.

(٨) أي: الآمدي.