الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الحكم الوضعي وأقسامه]

صفحة 77 - الجزء 1

  وإن أثَّر عدمه في عدمه، ولم يلزم من وجوده وجود ولا عدم، كالوضوء؛ إذ بعدمه تعدم صحة الصلاة، وبوجوده لا توجد ولا تعدم - فهو⁣(⁣١) الشرط. وقد ظهر الفرق بين السبب والشرط.

  وإن أثَّر وجوده في عدمه كالأبوَّة في منع القصاص - فهو المانع.

  وفائدته⁣(⁣٢): سهولة معرفة ما كُلِّفنا به⁣(⁣٣) من فِعْلٍ أو تَرْكٍ⁣(⁣٤) بنصب المعرِّف⁣(⁣٥) علامة لذلك⁣(⁣٦) في كل واقعه بعد انقطاع الوحي؛ لئلا تخلو كثير من الوقائع من الأحكام⁣(⁣٧)، مع ما فيه من حكمة الاختصار.

  واعترض بعضُ المتأخرين القدماءَ في تسميتهم ما عرَّف بخطاب الوضع حكماً، وقال: إنما هو علامة الحكم ولا يسمى حكماً.

  وهو⁣(⁣٨) فاسد؛ لأن نصب الشارع له علامة للحكم حكمٌ شرعيٌ، فكما أن وجوب الحدِّ حكم شرعي، فنصبُ الزنى علة له حكمٌ شرعي⁣(⁣٩) أيضاً، فكلُّ واقعة عُرِفَ حكمها بعلامتها - كتحريم النبيذ المعرَّف بعلامة الإسكار - لا بدليل آخر فلله فيها حكمان: الحكم المعرَّف⁣(⁣١٠) بها، والحكم


(١) جواب «إن» في قوله: «وإن أثر عدمه ..» إلخ.

(٢) أي: فائدة الخطاب المعرف للسبب والشرط والمانع. شرح فصول.

(٣) أي: معرفة حاله، كمعرفتنا وجوب الحد على الزاني، ومعرفة حقيقته، كمعرفتنا صحة الصلاة من المتوضئ. هامش (أ).

(٤) من فعلٍ كالصلاة بعد الزوال، وقوله: أو ترك كالصلاة في الأوقات المكروهة. الدراري المضيئة.

(٥) هو السبب والشرط والمانع، وهو الخطاب من الحكيم.

(٦) أي: لما كلفنا به من فعل أو ترك.

(٧) مثلاً قد كلفنا بإيتاء الزكاة، فلو لم يجعل الشارع ملك النصاب والحول كذلك علامة لذلك الوجوب لم يعرف المكلف بعد انقطاع الوحي ما كلف به، وكان يخلو ملكه النصاب مع حول الحول عليه عن حكم؛ إذ لا سبيل إلى معرفته. شرح لطف الغياث على الفصول. هامش (أ) و (ب).

(٨) أي: الاعتراض.

(٩) أي: مستفاد من الشرع. هامش (ب).

(١٠) أي: الذي عرَّفته الواقعة.