الدليل الثاني: السنة
  نعم، وقد روى في الجوهرة الإجماع على اعتبار الوجه في التأسي.
  وخالف أبو علي ابن خلّاد في اشتراط قصد الاتباع، فقال: لا يشترط، روى عنه ذلك في الفصول(١). وظاهر كلام المهدي # أن خلافه(٢) راجع إلى الوجه، فلا يُشترط عنده(٣)؛ فيكون(٤) المسلم مثلاً متأسياً بالنصراني حيث مشى إلى البِيَعَة(٥) وتبعه المسلم ليرد وديعة، وإن اختلف فعلهما حسناً وقُبْحاً(٦).
  قال #: وهذا غير سديد؛ لأنا لا نسلم تسميته متأسياً، وإنما هو مسترشد مهتدٍ في عرفان السبيل(٧)، ولا شك أن من سجد لله فسجد غيره لصنمه أنه لا يسمى(٨) متأسياً، إلا(٩) باعتبار كون السجود الأول(١٠) باعثاً على مثله لغير المعبود، وهذا هو الاتباع والاقتداء(١١)، لا التأسي المخصوص الذي نحن بصدده.
  قال أبوطالب # والحفيد: ويشترط فيه العلم بصورةِ المتأسى فيه ووجهِهِ من المتأسَّى به، فلا تأسي بالمصطفى ÷ في نحو رد الوديعة(١٢)؛ إذ وجوبه معلوم بالعقل.
  وقال أبو الحسين - وهو المختار -: إنهما(١٣) لا يُشترطان، فنحن متأسون به في ذلك.
(١) ورواه عنه أبو الحسين في المعتمد ١/ ٣٤٤ الطبعة الثانية، دار الكتب العلمية.
(٢) أي: خِلَاف ابن خلاد.
(٣) أي: لا يشترط عند ابن خلّاد معرفة وجه الفعل أو الترك من إيجاب أو ندب أو إباحة أو نحوها.
(٤) أي: على قول ابن خلاد.
(٥) معبد اليهود.
(٦) ففعل النصراني قبيح، وفعل المسلم حسن.
(٧) أي: عرفان طريق البيعة.
(٨) في (ج): «لا يكون».
(٩) استثناء منقطع. هامش (أ).
(١٠) وهو السجود لله.
(١١) في أصل اللغة. هامش (أ).
(١٢) ونحوها من الواجبات العقلية كشكر المنعم.
(١٣) أي: العلم بصورة المتأسى فيه ووجهه من المتأسى به.