مسألة: [الاستدلال بأفعال النبي وتروكه]:
  فعند المنصور #(١)، وبعض المعتزلة والشافعية والحنابلة، ورواه في الجوهرة عن مالك: على الوجوب في حقنا، وفي حقه يحتمل الثلاثة(٢).
  وقال الشافعي والجويني: على الندب. وقال الحفيد والقاضي عبدالله، وروي ذلك عن مالك: على الإباحة. وقيل: التأسي به محظور(٣).
  قلنا: إن من شرط التأسي إيقاعه على الوجه الذي فعله ÷؛ إذ الفعل بمجرده لا ظاهر له يعمل به، فلا يلزمنا التأسي به حتى نعلم الوجه.
  قال في الجوهرة(٤): واعلم أن الصحيح عندنا وجوب القطع على حسن ما فعله ÷، فمتى شاهدناه يفعل فعلاً فلنا أن نستبيح مثله، وما دل على وجوب التأسي قد قضى بوجوب استباحة ما يستبيحه ÷، وهذا يوجب القطع على أن الصغيرة من فعله يجب أن تخفى علينا؛ لكيلا نكون محمولين على التأسي فيما ليس موضعاً للتأسي.
  وقال ابن الحاجب: إنه يحمل على الندب إن ظهر فيه قصد القُرْبة، كصلاة ركعتين - مثلاً، وإلا فالإباحة.
  وأما المصنف ¦ فإنه قال مُرتِّباً على وجوب اعتبار الوجه في التأسي: (فما علمنا وجوبه من أفعاله ÷ فظاهر) وجوبه علينا (وما علمنا حسنه دون وجوبه) لأنه(٥) صفة زائدة على الحُسْن (فندب) إذ قد أمرنا بالتأسي به،
(١) هو الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان #، من الأئمة المجددين، دعا سنة (٥٩٣ هـ ٩) وتمت البيعة (٥٩٤ هـ)، (ت ٦٥٢ هـ). انظر التحف شرح الزلف للإمام الحجة مجد الدين # ص ٢٦٦ ط ٤ مكتبة أهل البيت.
(٢) أي: الوجوب والندب والإباحة.
(٣) أي: عند عدم معرفة الوجه، واحتجوا بأنه لا يؤمن كون ما فعله النبي صغيرة فنكون متبعين له في معصية.
(٤) انظر جوهرة الأصول ص ٣٢٧ الطبعة الأولى.
(*) وجاء بهذا الكلام رداً على من قال بالحظر.
(٥) أي: الوجوب.