الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

الدليل الثاني: السنة

صفحة 125 - الجزء 1

  فإذا لم يكن واجباً تعين الندب، هذا (إن ظهر فيه قصد القُرْبة) إذ بذلك يُعرف أن هناك صفة زائدة على الحُسْن (وإلا) يظهر (فإباحة) أي: يُحمل على أن فعله مباح⁣(⁣١).

  قلت: فإن كان المراد بقوله: «وما علمنا حسنه» أنا نعلمه بمجرد فعله ÷ كان كما قال الحفيد؛ لأن ظهور قَصْد القربة فيه قرينة الندب، ولم يظهر حينئذٍ كون الفعل للندب⁣(⁣٢) بمجرده، بل بصفة زائدة، وهي ظهور قَصْد القربة. ولا أظن الحفيد يخالف في ذلك، وعلى هذا فالظاهر من كلام ابن الحاجب أنه يعود إلى كلام الحفيد بغير تردد.

  وينبني هذا على قاعدة، وهي وجوب القطع بخفاء الصغيرة والمكروه، وقد قطع بهذا في الجوهرة، وفي الفصول أيضاً؛ لأنه قال فيه ما لفظه: وما وقع منه⁣(⁣٣) فواجب أو مندوب أو مباح، لا مُحَرَّم كبير للعصمة⁣(⁣٤)، ولا صغير لخفائه، ولا مكروه لخفائه أيضاً. وقيل: لِنُدْرَتِهِ⁣(⁣٥) إلا أن يُبَيِّنهما⁣(⁣٦). انتهى.

  وإن⁣(⁣٧) كان المراد: أنا نعلم حسنه بأمر زائد - بناءً على عدم وجوب خفاء الصغيرة والمكروه - لم يكن للفعل بمجرده دلالة على الإباحة، ولا أرى كلام الحفيد ومن معه بعيداً عن الصواب. وأهل المذهب نظروا إلى أنه وإن كان يجب القطع بحسن أفعاله ÷ فهي مترددة بين الثلاثة⁣(⁣٨)، فتكون مجملة؛ فلا حجة فيها.


(١) كالسباحة.

(٢) في (أ): «للمندوب».

(٣) أي: من النبي ÷.

(٤) أي: لعصمة النبي عن الكبائر.

(٥) قال في الدراري المضيئة: أي: لندرة وقوع المكروه من أمته فكيف منه.

(٦) أي: يبين أن ما فعله معصية صغيرة أو مكروه صح ذلك.

(٧) معطوف على قوله: فإن كان المراد بقوله: وما علمنا ... إلخ.

(٨) أي: بين الوجوب والندب والإباحة.