الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الخلاف في صيغ العقود هل هي إخبار أم إنشاء]

صفحة 141 - الجزء 1

  في القول المخصوص، مجاز⁣(⁣١) في غيره، كقول سويد بن الصامت:

  تخبرني العينان ما الصدر كاتمٌ ... من الغل والبغضاء بالنظر الشزر

  وحقيقة الخبر: هو الكلام المحكوم فيه بنسبة خارجية⁣(⁣٢) في أحد الأزمنة الثلاثة، مطابقة أو غير مطابقة، فالمطابقة: حيث كان صِدْقاً. وغيرها: حيث كان كذباً، نحو: «زيد قائم». والإنشاء: نقيضه، كالأمر والنهي والاستفهام.

[الخلاف في صيغ العقود هل هي إخبار أم إنشاء]:

  والمختار في نحو: «بعتُ» و «طلقتُ» إذا قصد بهما إيقاع الحكم⁣(⁣٣) حال النطق بهما، لا الوقوع⁣(⁣٤) - أنهما إنشاء، خلافاً لأبي حنيفة.

  قال عضد الدين: واعلم أن الذي قال بأنه إخبار لم يقل إنه إخبار عن خارجي⁣(⁣٥)، بل إخبار عمَّا في الذهن، وهو الموجب.

[الخلاف في تفسير الصدق والكذب، والمختار في ذلك]:

  وقد شمل حد الخبر المذكور قِسْمَيْه اللذَيْنَ هما: الصدق والكذب.

  قال أئمتنا $ والجمهور: وينحصر فيهما فلا ثالث، ولكن اختلفوا في


(١) كالإشارة والرموز، وكالخبر المسند إلى من ليس بمتكلم، كقول الشاعر:

تخبرني العينان ... إلخ.

(٢) ونعني بالخارج ما هو خارج عن كلام النفس المدلول عليه بذلك اللفظ، والذي دل عليه اللفظ هو الحكم بنسبته، ويتميز الخبر عن الإنشاء بالنسبة الخارجية، وهي: الإخبار عن حصول مضمون الكلام إما في الماضي أو في المستقبل، بخلاف الإنشاء فإن النسبة فيه حكمية ذهنية. فإن قيل: إنه يخرج الخبر عن المستقبل، مثل: «سأضرب زيداً غداً» فإنه لا خارج له وقت الإخبار، فالجواب: أن فيه نسبة خارجية ثبوتية أو سلبية بالنظر إلى الاستقبال، بها يعتبر صدقه وكذبه. هامش مرقاة الوصول للسيد داود.

(٣) أي: حدوثه ووجوده.

(٤) أما إذا قصد الوقوع فهو إخبار؛ لأنه يخبرك بشيء قد وقع في الماضي، نحو: «بعت داري» إذا كان قد باعها.

(٥) في شرح العضد: «عن خارج».