[الخلاف في صيغ العقود هل هي إخبار أم إنشاء]
  تفسيرهما، فالأكثر على أن الصدق: هو المطابق للواقع إثباتاً أونفياً، سواء اعتقد المُخبِر مطابقتَه أو لا.
  والكذب: غير المطابق(١) فيهما، سواء اعتقد كونه غير مطابق أو لا.
  وقال النظام وموافقوه: بل الصدق: المطابق لاعتقاد المعتقد(٢) المخبر ولو خطأ؛ فقول اليهود: «ليس محمد برسول» صدقٌ، والكذب: مخالفته ولوصواباً. فلا عبرة فيهما بمطابقة الواقع وعدمها.
  وقال الجاحظ: لا ينحصر فيهما، بل بينهما واسطة، فالمطابق للواقع مع اعتقاد المطابقة صدق، وغير المطابق مع اعتقاد عدمها كذب، وما ليس كذلك - وهو أربعة أقسام(٣) - فليس بصدق ولا كذب.
  قال في الفصول: وظاهر قول الهادي # في الكذب كقوله(٤).
(١) قال المولى الإمام الحجة مجد الدين المؤيدي # في لوامع الأنوار ما لفظه: قلت: وإطلاق الكذب على غير العمد هو مختار الجمهور في كونه مخالف الواقع مطلقاً فإن كان عن عمد فهو الافتراء، وإن لم فهو خطأ. وأما الإثم فليس إلا في العمد اتفاقاً، والمختار تفصيل حسن وهو أن الصدق والكذب يوصف بهما الخبر والمخبر، فإن نُظِر إلى جانب الخبر فالصحيح: كلام الجمهور من أنه مخالف الواقع، سواء خالف الاعتقاد أم لا، وإن نُظِر إلى جانب المخبر فالصحيح: كلام أهل المذهب والنظام من أنه مخالف الاعتقاد، سواء خالف الاعتقاد أم لا. ولا يطلق الكاذب إلا على المفتري: وهو المُخبر بخلاف ما يعتقده. انظر بقية المبحث في لوامع الأنوار ٢/ ٤٤٤ ط/٣.
(٢) سقط من (ج) المعتقد.
(٣) وهي:
- المطابق للواقع مع عدم اعتقاد المطابقة.
- المطابقة للواقع بدون اعتقاد.
- عدم المطابقة مع اعتقاد المطابقة.
- عدم المطابقة بدون الاعتقاد أصلاً.
فهذه الأربعة ليست عنده بصدق ولا كذب.
(٤) أي: كقول الجاحظ؛ لأنه # قال في المنتخب في حق المُظاهر ما معناه: إذا قال: أنت عليّ كظهر أختي، أو بعض أرحامه، هل ينوي في ذلك؟ قال: لا؛ إنما هي كذبة كذبها. هكذا ذكره في الفصول، وتوجيه ذلك أن الكذب عند الجاحظ ما خالف الواقع والاعتقاد جميعاً، وما عداه فليس بكذب، فوافقه الهادي # في ذلك.