الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

الدليل الثاني: السنة

صفحة 167 - الجزء 1

  مكلف العلم به لو ثبت وروده عن الشارع، بل يجب أن يُرَدَّ إن لم يتواتر إلينا، ويُقطع بكذب ناقله إن لم يوافق قاطعاً إلا بتعسّف (كخبري الإمامية والبكرية(⁣١)) روت الإمامية النص على اثني عشر إماماً معينين بأسمائهم وأنسابهم، وروت البكريّة النص الصريح على إمامة أبي بكر.

  قلنا: مثل ذلك مما تتوفر الدواعي إلى نَقْله عادةً؛ إذ لو صح لَنُقِل إلينا نقلاً مستفيضاً؛ لعموم التكليف به، وإلا جُوّز علينا صلاة سادسة لم تُنقل.

  (و) أما قبول خبر الواحد (فيما تعم به البلوى عملاً) أي: حكمه عام للمكلفين أو أكثرهم لو صح⁣(⁣٢)، وذلك (كحديث مس الذكر) وهو قوله ÷: «من مس ذكره فليتوضأ»، رواه ابن مسعود، ونحوه: (كأمره بالغُسل من غسل الميت)، رواه أبو هريرة - ففيه (خلاف) بين العلماء، فعند القاضي، وأبي الحسين، والشافعي، وبعض أصحاب الحديث: يُقبل، ورواه في الجوهرة عن أبي علي.

  قال الإمام المهدي #: وبلغ أبو العباس ابن سريج في نصرة هذا القول مبلغاً عظيماً.

  وقال أبو الحسن الكرخي وجماعة من الحنفية وابن أبان: لا يُقبل.

  قلنا: لم يفصل دليل العمل بخبر الواحد في العمليِّات بين ما عمَّت به البلوى وبين ما لم تعمّ به. وأيضاً قد قَبِلتْه الأمَّة في تفاصيل الصلاة، ووجوب الغسل من التقاء الختانين، وهما مما تعم به البلوى. وأيضاً فقد ثبت قبوله في نحو الفَصْد والحجامة والقهقهة في الصلاة، فالحنفية⁣(⁣٣) أوجبوا بها⁣(⁣٤)


(١) نسبة إلى بكر بن عبدالواحد، وهم فرقة من المجبرة. شرح الملل والنِحَل ص ٢٧.

(٢) أي: لو صح ثبوته عن الشارع.

(٣) في (ج): «والحنفية».

(٤) أي: بالقهقهة.