الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [شروط قبول أخبار الآحاد]:

صفحة 169 - الجزء 1

  والمروءة⁣(⁣١)، ليس معها بدعة. قال: وإنما تتحقق باجتناب أمور أربعة: الكبائر، والإصرار⁣(⁣٢) على الصغائر، وبعض الصغائر⁣(⁣٣)، وبعض المباح⁣(⁣٤). واسْتَقَربَهُ⁣(⁣٥) الإمام المهدي #.

  وقد اضطرب كلام العلماء⁣(⁣٦) في الكبائر، والمختار ما ذهب إليه الناصر # وبعض قدماء أئمتنا $ وبعض البغدادية، ورجّحه إمام زماننا - أيده الله تعالى - من أن كل عمد كبيرة، وما وقع على جهة الخطأ والنسيان والإكراه فصغيرة؛ لعموم قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ١٤}⁣[النساء] ونحوها⁣(⁣٧)، ولم يغفر الله تعالى من غير توبة إلا الخطأ والنسيان وما وقع على جهة الإكراه؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ


(١) قال ابن لقمان في الكاشف: قيل: والمروءة هي أن يسير بسيرة أمثاله في زمانه ومكانه، فلو لبس الفقيه القباء، أو الجندي الجبة والطيلسان ردت روايته وشهادته، وقيل: هي أن يصون نفسه من الأدناس ولا يهينها عند الناس، وقيل: هي أن يتحرر عما يُسخر منه فيُضحك. انظر ص ٩٦.

(٢) والإصرار عليها يكون بعدم المبالاة بفعلها، وعدم التحرز عن وقوعها منه.

(٣) وهو: ما يدل على خسة النفس ودناءة الهمة، كسرقة لقمة، والتطفيف بحبة. قسطاس.

(٤) كاللعب بالحمام، والاجتماع مع الأراذل، والحرف الدنيئة، كالدباغة والحياكة ممن لا تليق به من غير ضرورة تحمله على ذلك، فإن مرتكبها لا يتجنب الكذب غالباً. قسطاس.

(٥) قال الإمام المهدي # في منهاج الوصول إلى معيار العقول: أما العدالة فقد اختلف العلماء في تحديدها، والأقرب عندي أن يقال: هي ملازمة التقوى والمروءة، ومجانبة البدعة، وذلك يحصل باجتناب الكبائر، وترك الاصرار على بعض الصغائر وبعض المباح. المنهاج ص ٤٨٩ ط/الأولى.

(٦) فمنهم من قال: هي كل ما توعد عليه بعينه كالزنا ونحوه، لا ما ورد فيه وعيد عام، كقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ...} الآية. ومنهم من قال: ما وجب فيه حد أو نُصّ على كبره. ومنهم من قال: كل عمد. الفصول ص ٢٩٤ ط/الأولى مركز البحوث اليمني.

(٧) مثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}⁣[يونس ٢٧].