الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

فرع: [أخبار اختلف في كونها مخالفة للأصول أو لقياس الأصول]:

صفحة 185 - الجزء 1

  قوله ÷: «لا تُصرُّ الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو مخيَّر أحد النَظِرين بعد أن يحلبها ثلاثاً، فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردّها، وصاعاً من تمر» - كل واحد منهما مما خالف الأصول نفسها فيردان؛ لنقل الأول الحرية⁣(⁣١)، والإجماع منعقد على أنه لا يطرؤ عليها⁣(⁣٢) الرق. ولمخالفة الثاني ما أجمع عليه من ضمان التالف بمثله إن كان مثليًّا، وقيمته إن كان قيميًّا.

  وذهبا إلى أن خبر نبيذ التمر - وهو قوله ÷: «تمرة طيبة وماء طهور» - وخبر القهقهة - وهو: (أنه ÷ أمر من ضحك في صلاته من دون أن يغلبه الضحك أن يعيد الوضوء) - كل واحد منهما مما خالف مقتضى الأصول⁣(⁣٣)، فيقبلان؛ لمخالفتهما حكم نظيرهما المجمع عليه⁣(⁣٤)، وهو نبيذ الزبيب، وأن ما لا ينقض خارج الصلاة لا ينقض داخلها.

  وعن الشافعي أنها⁣(⁣٥) معاً مما خالف مقتضى الأصول فتقبل.

  قال في الفصول: والتحقيق أنها من قسم التخصيص الذي تقدم، فتحمل عليه إن ثبت⁣(⁣٦)، وهو اتفاق⁣(⁣٧).


(١) لأنه لما أمر الرسول ÷ بالقرعة نقل الثلث الحر عن الأربعة إلى الاثنين اللذين خرجت القرعة بحريتهما.

(٢) أي: الحرية، فإن القياس أن يسعى كل واحد بثلثي قيمته.

(٣) أي: قياس الأصول.

(٤) قال في القسطاس: بيان ذلك: أن الأصول قاضية بأن ما لم ينقض الوضوء خارج الصلاة من الكلام ونحوه فإنه لا ينقضه داخلها، والقهقهة لا تنقضه خارجها، فكذا داخلها، هذا ما يقتضيه القياس على ما لا ينقض، فخبرها مخالف للقياس لا للأصول. وكذلك فإن الإجماع على أن التوضي بنبيذ الزبيب لا يجزي؛ لتغيره عن صفة الماء، والقياس يقتضي أن نبيذ التمر كذلك، فخبر النبيذ مخالف للقياس لا للأصول؛ إذ لم يجمع على أنه لا يجزي التوضي بنبيذ التمر فيكون كذلك.

(٥) أي: خبر القرعة والمصراة ونبيذ التمر والقهقهة. هامش (أ).

(٦) في (أ): «فتحمل عليه فتحمل عليه إن ثبتت». وفي الفصول: «والتحقيق أنها من قسم التخصيص إن ثبتت».

(٧) أي: بيننا وبين الشافعي. الدراري المضيئة.