الدليل الثاني: السنة
  وقد يجاب بأنه إذا لم يُقبل المُصرِّح فالمتأوِّل مثله، و الجامع: الخروج من ولاية الله إلى عداوته. وأيضاً فقد قال الله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات ٦] فجعل مستند المنع الفسق، ولو كان شديد التحرج، وذلك حكم شرعي يجب امتثاله. وأيضاً فيلزم مثله في مُصرِّح شديد التحرّج. وأيضاً فهو ظالم، وقد قال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}[هود ١١٣]، والعمل على الرواية ركون عليه. وقوله ÷: «إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم». وما روي عن السلف فغير مسلَّم، سلّمنا فمظنون، ولا(١) يقابل المقطوع به، وربما(٢) كان أحدهم يروي عمَّن ليس بفاسق عنده، وإن اعتقد غيره فسقه؛ فينتفي القطع مع هذا الاحتمال بالقبول.
  نعم، يستثنى من كُفَّار التأويل وفُسَّاقه عند قابلهم(٣) من يجوز الكذب(٤) إذا(٥) لم يقل(٦) بكفره أو فسقه تصريحاً، كالسالمية(٧) والكُراميّة(٨) والخَطابيّة(٩) ونحوهم. ولا يقبل أيضاً عندهم من أظهر التأويل وأقواله وأفعاله تدل على تعمد مخالفة أهل الحق، كمعاوية(١٠).
(١) في (ب): «فمظنون لا يقابل المقطوع به».
(٢) في (أ): «وربما أنه كان».
(٣) في (ب): «عند قابليهم».
(٤) عبارة القسطاس مع المعيار: اللهم إلا أن يكون تأويله في الكذب كالكرامية والخطابية لتحليلهم أن يشهد بعضهم لبعض كذباً - فإنه لا يقبل البتة؛ لأن صدقه غير مظنون. قسطاس.
(٥) في (ب): «إن».
(٦) في (أ): «نقل».
(٧) السالمية: جماعة من متكلمي البصرة، ينسبون إلى أبي الحسن بن سالم صاحب سهل بن عبدالله التستري، أثنى عليهم ابن تيمية، وقال غيره: إنهم من جملة الحشوية.
(٨) الكرامية: نسبة إلى محمد بن كرام السجستاني المتوفى ٢٥٥ هـ، لهم مقالات في التجسيم شنيعة، وذكر السمعاني أنهم يقولون بجواز وضع الحديث على رسول الله ÷.
(٩) هم أصحاب أبي خطاب الأسدي، قالوا: الأئمة أنبياء، وأبو الخطاب نبي، وهؤلاء يستحلون شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم، وقالوا: الجنة نعيم الدنيا والنار آلامها. التعريفات ص ٣١٦.
(١٠) في (أ) و (ج): «كمعاوية لعنه الله».