الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

الدليل الثاني: السنة

صفحة 189 - الجزء 1

  وقد يجاب بأنه إذا لم يُقبل المُصرِّح فالمتأوِّل مثله، و الجامع: الخروج من ولاية الله إلى عداوته. وأيضاً فقد قال الله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}⁣[الحجرات ٦] فجعل مستند المنع الفسق، ولو كان شديد التحرج، وذلك حكم شرعي يجب امتثاله. وأيضاً فيلزم مثله في مُصرِّح شديد التحرّج. وأيضاً فهو ظالم، وقد قال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}⁣[هود ١١٣]، والعمل على الرواية ركون عليه. وقوله ÷: «إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم». وما روي عن السلف فغير مسلَّم، سلّمنا فمظنون، ولا⁣(⁣١) يقابل المقطوع به، وربما⁣(⁣٢) كان أحدهم يروي عمَّن ليس بفاسق عنده، وإن اعتقد غيره فسقه؛ فينتفي القطع مع هذا الاحتمال بالقبول.

  نعم، يستثنى من كُفَّار التأويل وفُسَّاقه عند قابلهم⁣(⁣٣) من يجوز الكذب⁣(⁣٤) إذا⁣(⁣٥) لم يقل⁣(⁣٦) بكفره أو فسقه تصريحاً، كالسالمية⁣(⁣٧) والكُراميّة⁣(⁣٨) والخَطابيّة⁣(⁣٩) ونحوهم. ولا يقبل أيضاً عندهم من أظهر التأويل وأقواله وأفعاله تدل على تعمد مخالفة أهل الحق، كمعاوية⁣(⁣١٠).


(١) في (ب): «فمظنون لا يقابل المقطوع به».

(٢) في (أ): «وربما أنه كان».

(٣) في (ب): «عند قابليهم».

(٤) عبارة القسطاس مع المعيار: اللهم إلا أن يكون تأويله في الكذب كالكرامية والخطابية لتحليلهم أن يشهد بعضهم لبعض كذباً - فإنه لا يقبل البتة؛ لأن صدقه غير مظنون. قسطاس.

(٥) في (ب): «إن».

(٦) في (أ): «نقل».

(٧) السالمية: جماعة من متكلمي البصرة، ينسبون إلى أبي الحسن بن سالم صاحب سهل بن عبدالله التستري، أثنى عليهم ابن تيمية، وقال غيره: إنهم من جملة الحشوية.

(٨) الكرامية: نسبة إلى محمد بن كرام السجستاني المتوفى ٢٥٥ هـ، لهم مقالات في التجسيم شنيعة، وذكر السمعاني أنهم يقولون بجواز وضع الحديث على رسول الله ÷.

(٩) هم أصحاب أبي خطاب الأسدي، قالوا: الأئمة أنبياء، وأبو الخطاب نبي، وهؤلاء يستحلون شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم، وقالوا: الجنة نعيم الدنيا والنار آلامها. التعريفات ص ٣١٦.

(١٠) في (أ) و (ج): «كمعاوية لعنه الله».