الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

(تنبيه) اعلم أن حد (الخبر: هو الكلام الذي لنسبته خارج).

صفحة 210 - الجزء 1

  وقد حدَّ الخبرَ كثيرٌ من المعتزلة بأنه اللفظ الذي يحتمل الصدق والكذب. واعترض باعتراضات، أوقعها أنه يستلزم الدور؛ لأن الصدق هو الخبر المطابق لمقتضاه⁣(⁣١)، والكذب الغير المطابق، فإذا حَدَدْنا الخبر بالصدق، والصدق بالخبر - كان دوراً⁣(⁣٢) محضاً.

  واعلم أنه لا بد فيه من منسوب ومنسوب إليه ونسبة، فإذا قلت: «العالَمُ محدَث» فالمنسوب: هو الحدوث، والمنسوب إليه: هو العالم، والنسبة: هي إضافة الحدوث إلى العالم، فالتصديق والتكذيب والاستدلال إنما يتوجه إلى هذه النسبة، فأما المنسوب والمنسوب إليه فالكلام فيهما من باب التصوّر الذي قدمنا تحقيقه في أول الكتاب.

  ويسمى المنسوب إليه: مبتدأً عند النحاة، وموضوعاً عند أهل المنطق. ويسمى المنسوب: خبراً عند النحاة، ومحمولاً⁣(⁣٣) عند أهل المنطق.

  ولا بد بين المحمول والموضوع من رابطة⁣(⁣٤)، وإلا لم يكن بأن يحمل عليه أولى من أن يحمل على غيره أو من أن لا يُحمل، فإذا قلت: «العالم مُحدث»


(١) نحو: زيد قائم، فمقتضاه حصول قيام زيد، فإذا كان القيام حاصلاً من زيد فقد طابق الخبر ما اقتضاه، وهو حصول القيام؛ فكان صدقاً. قسطاس.

(٢) لتوقّف الخبر على معرفة الصدق والكذب، لكونهما معرِّفين له، وتوقّف الصدق والكذب على معرفة الخبر، لكونه معرفاً لهما. هامش حاشية ملا عبدالله على التهذيب ص ٨٩ ط/الثانية «المكتبة الإسلامية».

(٣) سمي محمولاً لحمله على شيء. هامش (ج). وقيل في تعريفه: المحمول: صفة أو كيفية تحمل على الموضوع، وتفيد أن ذلك الموضوع يتمتع أو لا يتمتع بتلك الصفة أو الكيفية.

(٤) الرابطة هي: العلاقة القائمة بين الموضوع والمحمول والتي تحدد هوية القضية سلباً وإيجاباً والروابط نوعان:

١ - الروابط الزمانية، وهي جميع الأفعال الناقصة في اللغة العربية التي تدل على زمانٍ مّا مثل يكون ... إلخ، نحو: سقراط كان فيلسوفاً.

٢ - الروابط غير الزمانية، وهي الضمائر مثل: هو، هي، هم، هما، هن، ... إلخ. مدخل إلى علم المنطق الدكتور: مهدي فضل الله ص ٩٢ ط/الأولى «دار الطليعة».