مسألة: [إجماع أهل البيت $]:
  سبحانه طهَّرهم من الأفعال والأقوال المُستخبثة التي يُستحق عليها الذم والعقاب، ثم نظرنا في حالهم فوجدنا آحادهم لم يَطْهُر بعضهم(١) عن ذلك، فتعين أن المقصود جماعتهم(٢)؛ إذ لو لم نَقُل بذلك بطلت(٣) الفائدة في الآية الكريمة وكانت باطلاً، والقرآن لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ.
  لا يقال: إن المراد بأهل البيت في الآية الزوجات؛ لأن أولها وآخرها يقتضي ذلك؛ لأنا نقول: مجيء هذه الآية مع ذكر أزواج النبي ÷ على طريقة مجيء(٤) قوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ...} الآية [الأنعام ٣٦] مع قوله تعالى قبل: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ} إلى قوله تعالى: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ٣٥}، وقال تعالى بعد(٥): {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيةٌ مِنْ رَبِّهِ ...} الآية.
  والوجه في ذلك: أنه تعريض بهن أنهن غير معصومات، كما أن قوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} تعريض بالذين ذكرهم الله قبلها وبعدها أنهم لا يسمعون، أي: لا يعلمون ما يسمعونه عن(٦) النبي ÷، وقد أَطبقَ البلغاء على أن أَحسَنَ مواقع «إنما» التعريض، كما ذكر في الآيتين، ويؤيد ذلك تذكير الضمير، حيث قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ} وقال: {وَيُطَهِّرَكُمْ} بخلاف ما قبل ذلك وما بعده، فإنه مؤنث، سلّمنا أن المراد بها الزوجات لزم أن يكون إجماعهن حجة؛ لما ذكرناه، ولمَّا وقع الإجماع على أن إجماعهن ليس بحجة قطعنا بأن المراد بها غيرهن، وإلا خلت الآية عن الفائدة.
(١) قوله: «بعضهم» ليخرج عليًّا وفاطمة والحسنين $، فإنهم معصومون ومطهرون من ذلك.
(٢) وإذا ثبت تطهير جماعتهم من الأفعال والأقوال المستخبثة فذلك معنى العصمة بلا إشكال.
(٣) في (ج): «لبطلت».
(٤) سقط من (ج): «مجئ».
(٥) سقط من (أ): «بعد». وفي (ج): «بعده».
(٦) في (ج): «من».