[الدليل الثالث الإجماع]
  لا يقال: إن الله تعالى مريد لذلك من جميع البشر؛ لأنا نقول: هو تعالى مريدٌ لأن يفعل ذلك البشر كلهم، لا أنه يفعله هو تعالى لهم، ألا ترى إلى قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ...} الآية [المائدة ٤١]، بخلاف أهل البيت $ فإن الآية نص صريح على أنه يريد أن يفعل ذلك لهم؛ حيث قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣} ولم يقل: [إنما يريد الله لتذهبوا عنكم الرجس أهل البيت](١) وتَطهّروا تطهيرا، فإذا أراد سبحانه شيئاً من فِعْله فَعَله؛ إذ هو على كل شيء قدير، والفعل الذي فعله لهم هو عصمة جماعتهم من الخطأ، وقد قدَّمنا حقيقة العصمة(٢). وقوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى ٢٣] والله تعالى لا يُلزم عباده مودّة من كان على غير الحق؛ لقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ...} الآية [المجادلة ٢٢]، وقد ورى إمام زماننا - أيده الله تعالى - إجماع قدماء العترة على أن قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ٣٢}[فاطر] نزلت في أهل بيت رسول الله ÷، وقد أذهب الله عنهم الرجس، فما كانوا ليجمعوا على باطل، وغير ذلك من كتاب الله تعالى.
  (و) قوله ÷: («أهل بيتي كسفينة نوح) من ركب فيها نجى، ومن تخلف عنها غرق وهوى(٣)»، وروي بلفظ: «مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجى، ومن تخلف عنها غرق وهوى».
  ووجه الاستدلال بهذا الخبر: أنه ÷ نصَّ بذلك على أن مُتّبِعهم ناجٍ من
(١) ما بين المعكوفين سقط من (أ).
(٢) في مسألة التأسي.
(٣) انظر تخريجه في لوامع الأنوار للإمام الحجة مجد الدين المؤيدي # (١/ ١٨٦) ط/الثالثة.