الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الثالث الإجماع]

صفحة 251 - الجزء 1

  الذين لا يُجمعون على خطأ.

  واعترض: بأن المراد يشهدون في الآخرة أن الأنبياء بلَّغوا، والعدالة لا تُشترط عند تَحمّل الشهادة، فلا يلزم عدالتهم في الدنيا، ولو سلّم عدالتهم لأجل شهادتهم لم يلزم اتباعهم في جميع أقوالهم وأفعالهم، كالشاهد؛ إذ تجوز الصغيرة على من ذلك حاله، وليس هذا الدليل يدل على أنهم لا يقرون على خطأ، بخلاف النبي ÷؛ لأنه وإن جُوّز عليه الصغيرة فقد قام الدليل على أنه لا يقرُّ على خطأ فيما يتعلق بأداء الشرائع؛ إذ لو جُوِّز ذلك لم يُأمن أن يصدر منه الخطأ، فنكون متبعين له فيه، وقد قال تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}⁣[الأعراف ١٥٨]، فيلزم أن يكون تعالى أمرنا بالخطأ، وذلك مما لا يصح.

  قلت: ويمكن أن يقال: لو كان المراد بالشهادة في الآخرة لبَطَل معنى قوله تعالى: {وَسَطًا}؛ إذ كل أمة في الآخرة كذلك، على ما ذكره الفقيه يحيى⁣(⁣١) في عِقده، على أنه أتى بلفظ المُضيِّ⁣(⁣٢) لا بلفظ الاستقبال، ولا نُسلِّم أنهم يُقرُّون على الصغيرة؛ إذ شهادتهم على أنه حق، وليس بحق تجرح في عدالتهم.

  الدليل الثالث: [قوله]: (ولقوله ÷ «لن تجتمع أمتي على ضلالة»، ونحوه) من الأخبار (كثير) نحو: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين حتى تقوم الساعة» «حتى يجيء المسيح الدجال» «يد الله مع الجماعة» «من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية» «من فارق الجماعة قِيْد⁣(⁣٣) شِبْر فقد خَلَعَ رِبْقَةَ الإسلام من عنقه» «عليكم بالسواد الأعظم» «عليكم بملازمة الجماعة»، وغير ذلك (ففيه تواتر معنوي) وهو يفيد القطع، كما في شجاعة علي # وجود حاتم.


(١) أي: يحيى القرشي في كتابه العِقْد، وقد تقدمت ترجمته، وتقدم ذكر اسم كتابه.

(٢) أي: في قوله: جعلناكم.

(٣) بكسر القاف، أي: قدر شبر. مختار الصحاح.