[حكم منكر ما علم من الدين ضرورة، ومنكر النص الجلي والخفي]
  الثانية: إذا عارض الإجماع دليل(١) آخر، فإن كان عقليًّا لا يجوز تغييره(٢) وجب تأويل الإجماع إن أمكن، وإلا قُطع بكذبه على الأمة(٣)، وإنما يتقدر ذلك في ظنيّه(٤). وإن جاز تغيره فالمعتبر الإجماع. وهكذا كل سمعي عارض العقل، قطعيًّا كان أو ظنيًّا.
  وإن كان شرعيًّا(٥): فإن كانا قطعيين فقال الحفيد والمهدي #: يمتنع ذلك؛ إذ لا تعارض بين القواطع، والنسخ متعذر؛ لأن الإجماع لا يُنسخ ولا يُنسخ به، كما سيجيء، والمختار اعتبار الإجماع دونه؛ لأنهم لا يُجمعون إلا وقد علموا نسخه. وإن كانا ظنيين، فإن أمكن تخصيص المعارض بالإجماع خُصِّص به، لا عكسه(٦)، وكذا المعارض القطعي(٧)؛ لأن الإجماع لا يقبل تخصيصاً. وإن لم يمكن فالوقفُ حتى يظهر مرجح، أو الاطِّراحُ على رأي، أو التخييرُ على آخر. وإن كان أحدهما قطعيًّا والآخر ظنيًّا فالمُعتبر القطعي.
  وإذا تعارض رواية الإجماع والخلافِ(٨) في شيء حُمِلتا على الصدق إن أمكن(٩)، وإلا فرواية الخلاف أولى(١٠).
(١) «دليلاً». نخ.
(٢) أي: بالشرع، بأن يكون مما قضى فيه العقل بقضية مبتوتة. هامش (أ).
(٣) إذ لو قدرنا صدقه مع مخالفته للدليل العقلي المذكور لكان خطأ قطعاً، والأمة لا تُجمع على خطأ.
(٤) أي: ظني الإجماع، أما القطعي فلأنا لو قدرنا المعارضة ولم يمكن تأويله لم يقطع بكذبه؛ لكونه قطعياً. هامش (أ).
(٥) أي: الدليل.
(٦) وهو أن يكون الإجماع الأعم والدليل الأخص فلا يجوز؛ لما ستعرف إن شاء الله. هامش (أ).
(٧) في أنه كالظني إن أمكن تخصيصه بالإجماع خصص به؛ لأنه يجوز تخصيص القطعي بالظني كما سلف. هامش (أ).
(٨) أي: ورواية الخلاف.
(٩) وذلك بأن يكون لذلك الشيء جهتان، فيكون الإجماع باعتبار إحداهما، والخلاف باعتبار الأخرى. الدراري المضيئة.
(١٠) أي: هي أولى بالقبول من رواية الإجماع.