[الخلاف في التعبد بالقياس الشرعي]
  فكان الإقدام عليه كالجلوس تحت حائط قد قامت فيه أمارة السقوط.
  وأما السمع فسيأتي، وهو إجماع الصحابة.
  وذهب جمهور أئمتنا $ والمتكلمين إلى أنه وارد سمعاً فقط، ورواه ابن الحاجب عن أبي الحسين. وكل من قال بجوازه عقلاً قال بوقوعه إلا القليل، كالظاهرية والخوارج كما سيأتي.
  ومنهم من قال بوجوبه عقلاً أيضاً، رواه ابن الحاجب عن أبي الحسين، والقفَّال.
  (وقد شذ المخالف في كونه دليلاً) شرعيًّا، كالظاهرية، والخوارج، والجاحظ والنَّظَّام، والإمامية، والجعفرين(١)، والإسكافي(٢)، فهؤلاء منعوا كونه مُتَعبَّداً به من جهة السمع، فليس دليلاً، ثم اختلفوا، فقيل: لأنه لم يوجد في السمع ما يدل عليه. وقيل: بل لوروده بإبطاله، وهو رأي الإمامية، وادَّعوا إجماع العترة $ على ذلك، وهو غير صحيح. واختلفوا فيه عقلاً، فقيل: جائز، وهو رأي الظاهرية والخوارج. وقيل: ممتنع، وهو رأي الباقين. ثم اختلفوا:
  فقيل: في شرعنا فقط، وهو رأي النظام؛ لأن مبنى القياس على الجمعِ بين المتماثلات والفرقِ بين المختلفات، وشرعنا وارد بخلافه؛ إذ فَرَّق بين المتماثلات - كإيجاب الغسل من المني دون البول والغائط، وهما أقذر منه، ونحو ذلك(٣) - وجمع بين المختلفات، كإيجاب القتل في الردة والزنا، والكفارة على القاتل
(١) جعفر بن مبشر، وجعفر بن حرب. من (ب).
(*) جعفر بن مبشر قد تقدمت ترجمته، وأما ابن حرب فهو جعفر بن حرب المعتزلي الهمداني، من معتزلة بغداد، (ت ٢٣٧ هـ). وكلاهما من الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة.
(٢) الإسكافي: هو العلامة أبو جعفر محمد بن عبدالله السمرقندي الإسكافي المعتزلي، (ت ٢٤٠ هـ).
(٣) حيث أمر الشارع بقطع سارق القليل دون غاصب الكثير، وأمر الشرع بالحد بنسبة الزنا إلى المسلم دون نسبة الكفر إليه، وهو أعظم، وجاز القتل بشهادة اثنين، ولم يجز في الزنا إلا بأربعة، والقتل أغلظ، وجعل عدة الموت أربعة أشهر وعشرا، والطلاق ثلاثة قروء، والقياس يقتضي العكس. هامش (أ). منهاج.