[الدليل الرابع القياس]
  الثالث: أن (لا يكون) حكمه (ثابتاً بقياس) بل بإجماع أو نص، خلافاً لأبي عبدالله والحنابلة.
  قلنا: إن كانت العلة فيهما واحدة فذكر الوسط(١) ضائع(٢)، كقول الشافعية(٣) في السفرجل: مطعوم فيكون ربويًّا كالتفاح، ثم يقيس التفاح على البر. وإن لم تكن العلة واحدة فسد القياس؛ لأن علة الفرع غير معتبرة في الأصل حينئذٍ، وعلة الأصل لم توجد في الفرع، وذلك كقولك في الجذام: عيبٌ يفسخ به البيع فيفسخ به النكاح، كالقرْن والرتق، ثم تقيس القَرْن على الجبِّ بفوات الاستمتاع في أصله، فإن علة الفرع - وهو الجذام، وهي كونه عيباً - لم تعتبر في الأصل، وهو القَرْن، وإنما اعتبر فوات الاستمتاع، لقياسه على الجَبِّ، وعلةُ الأصل - وهي فوات الاستمتاع مع القَرْن - غيرُ موجوده في الفرع.
  وأيضاً فإنه إن(٤) اقتصر على القياسين اللذين أولهما لإثبات المطلوب وثانيهما لإثبات أصله، ومنَعنَا من استناد أصل الثاني إلى قياس ثالث وهلم جرّا - لَزِمَ(٥) التحكم، وإلا يُقتصرُ على ذلك تسلسل، وكلاهما باطل.
  نعم، ولم يذكر المُصَنِّف الشرط الرابع(٦)، وهو أن لا يصادم(٧) النص في الفرع، كما في المعيار والجوهرة؛ إذ ذلك من شروط الفرع، وسيأتي في قوله: «وألَّا يرد فيه نص». ثم لا يخفاك(٨) أن هذه شروط لحكم الأصل، ولهذا لم يُفرد بعض
(١) أي: ما هو أصلٌ في قياس، فرعٌ في آخر، وهو التفاح في المثال.
(٢) لإمكان طرحه وقياس أحد الطرفين على الآخر، فإنه كان يمكنه أن يقول في السفرجل لأنه مطعوم كالبر، من غير تعرض للتفاح، فذكر التفاح عديم الفائدة. قسطاس.
(٣) في (أ): «الشافعي».
(٤) في (أ): «وإن».
(٥) جواب «إن» في قوله: «إن اقتصر».
(٦) أي: من الشروط المتفق عليها.
(٧) أي: حكم الأصل.
(٨) في (ج): «ولا يخفاك».