الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 286 - الجزء 1

  (و) الثالث: مساواته لحكم أصله (في التغليظ والتخفيف) والعزيمة والرخصة؛ إذ اختلافهما في ذلك فارق، ولا قياس مع وجود الفارق، فلا يُقاس التيمم على الوضوء في كون التثليث مسنونًا فيه لكون كل منهما شرطاً للصلاة، ولا الرأس على ما ييمم في عدم التثليث بجامع كون كلٍّ منهما ممسوحاً؛ لأن التيمم مبني على التخفيف؛ إذ شُرِعَ تيسيراً وبدلاً عما هو أشق منه، والوضوء مبني على التغليظ؛ لأنه لم يُشرع بدلاً عما هو أشق، بل هو واجب مبتدأ⁣(⁣١).

  وحكى في الفصول عن أئمتنا $ والجمهور عدم اشتراط ذلك مطلقاً⁣(⁣٢)، وهو الذي في الجوهرة عن الشيخ. وقال ابن زيد والحفيد والغزالي: إن كانت العلة الجامعة مؤثرة⁣(⁣٣) أو مناسبة لم يُشترط ذلك، وإن كانت شبهيّة فقال ابن زيد والغزالي: يشترط، وقال الحفيد: موضع اجتهاد⁣(⁣٤).

  (و) الرابع: (أن لا تتقدم شرعية حكمه على حكم الأصل) لأنه يمتنع أن يكون شرط⁣(⁣٥) ما تقدم وجوبه مستفاداً⁣(⁣٦) مما تأخر وجوبه؛ لأن الدليل تأخر عن المدلول عليه، ولا يجوز ذلك، وقد كلفنا العلم بالمدلول عليه قبل حصول الدليل؛ لأن⁣(⁣٧) ذلك يكون تكليفاً بما لا يمكن.

  وقال الشيخ الحسن: إن الفرع إذا تقدم حكمه، ولم يدل على ثبوت حكمه إلا القياس على ذلك الأصل - لم يصح ذلك القياس؛ لأنه لا يجوز أن لا⁣(⁣٨)


(١) لفظ الكاشف: «بل شُرع ابتداءً».

(٢) لعموم الدليل الدال على كون القياس حجة، فمتى حصلت العلة في الفرع حسب حصولها في الأصل وجب أن يقضى بالتسوية بينهما في الحكم، والاختلاف في غير ذلك لا يضر. ح غ.

(٣) وهي ما دل عليها السمع، وهذا هو التأثير بالمعنى الأخص. سيلان.

(٤) للتعارض بين علتي الجمع والفرق، فما قوي في نظر المجتهد منهما عمل به. ح غ.

(٥) كذا في المخطوطتين.

(٦) في (أ): «مستفاد».

(٧) لفظ الغاية: «وهذا تكليف بما لا يمكن».

(٨) في الأصل: «أن يكون» وقد ظنن في المخطوطتين بزيادة «لا»، وهو الصواب.