الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 287 - الجزء 1

  يكون لنا على الحكم الذي تُعبِّدنا به دليل في الحال. وإن دل على حكم الفرع دليل متقدم سوى القياس لم يبطل ذلك القياس؛ لأنه يجوز أن يدلنا الله على الحكم⁣(⁣١) بأدلة مترادفة، ألا ترى أن المعجزات تتواتر بعد المعجزة الحاصلة عقيب دعوى النبوة.

  ومثال المسألة: قياسنا للوضوء على التيمم في وجوب اشتراط النية فيه؛ وذلك أن الوضوء وجب بمكة، والتيمم بعد الهجرة. قال في الفصول: فأما على جهة إلزام الخصم فيُقبل. قال الإمام الحسن بن عزالدين #: حيث يلزم الخصم بأنه يقول بحكم الأصل لهذه العلة، فيجب أن يقول: بحكم الفرع؛ لوجود العلة.

  (و) الخامس من شروط الفرع: (أن لا يَرِدَ فيه نص(⁣٢)) إما بأن يكون دليل الأصل شاملاً⁣(⁣٣) له، أو يَرِدَ فيه نص خاص، إما متضمناً لإثبات ما يثبته القياس أو نفيه. وقال الإمام المهدي #: أما إذا اقتضى إثبات ما يثبته القياس، واستدل به للاستظهار - فلا خلل.

  قال عضد الدين: لأنه إذا شمله حكم الأصل لم يكن جعل أحدهما أصلاً والآخر فرعاً أولى من العكس، ولكان القياس ضائعاً وتطويلاً بلا طائل. مثاله في الذرة: مطعوم فلا يجوز بيعه بجنسه متفاضلاً قياساً على البر، فيمنع في البر، فتقول⁣(⁣٤): قال النبي ÷: «لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا يداً بيد، سواء بسواء»؛ فإن الطعام يتناول الذرة كما يتناول البر.

  قال الإمام الحسن بن عز الدين #: ما ذكره العضد فيه نظر؛ لأنه يقال على الوجه الأول: إنه يجوز أن تكون دلالته على أحدهما أقوى، فيكون بالأصالة


(١) في (ج): «حكم».

(٢) أي: دليل.

(٣) نحو: أن يكون حكم الأصل ثابتاً بعموم يدخل تحته الفرع. منهاج.

(٤) في (ج) و (أ): «فيقول».