[الدليل الرابع القياس]
  يكون لنا على الحكم الذي تُعبِّدنا به دليل في الحال. وإن دل على حكم الفرع دليل متقدم سوى القياس لم يبطل ذلك القياس؛ لأنه يجوز أن يدلنا الله على الحكم(١) بأدلة مترادفة، ألا ترى أن المعجزات تتواتر بعد المعجزة الحاصلة عقيب دعوى النبوة.
  ومثال المسألة: قياسنا للوضوء على التيمم في وجوب اشتراط النية فيه؛ وذلك أن الوضوء وجب بمكة، والتيمم بعد الهجرة. قال في الفصول: فأما على جهة إلزام الخصم فيُقبل. قال الإمام الحسن بن عزالدين #: حيث يلزم الخصم بأنه يقول بحكم الأصل لهذه العلة، فيجب أن يقول: بحكم الفرع؛ لوجود العلة.
  (و) الخامس من شروط الفرع: (أن لا يَرِدَ فيه نص(٢)) إما بأن يكون دليل الأصل شاملاً(٣) له، أو يَرِدَ فيه نص خاص، إما متضمناً لإثبات ما يثبته القياس أو نفيه. وقال الإمام المهدي #: أما إذا اقتضى إثبات ما يثبته القياس، واستدل به للاستظهار - فلا خلل.
  قال عضد الدين: لأنه إذا شمله حكم الأصل لم يكن جعل أحدهما أصلاً والآخر فرعاً أولى من العكس، ولكان القياس ضائعاً وتطويلاً بلا طائل. مثاله في الذرة: مطعوم فلا يجوز بيعه بجنسه متفاضلاً قياساً على البر، فيمنع في البر، فتقول(٤): قال النبي ÷: «لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا يداً بيد، سواء بسواء»؛ فإن الطعام يتناول الذرة كما يتناول البر.
  قال الإمام الحسن بن عز الدين #: ما ذكره العضد فيه نظر؛ لأنه يقال على الوجه الأول: إنه يجوز أن تكون دلالته على أحدهما أقوى، فيكون بالأصالة
(١) في (ج): «حكم».
(٢) أي: دليل.
(٣) نحو: أن يكون حكم الأصل ثابتاً بعموم يدخل تحته الفرع. منهاج.
(٤) في (ج) و (أ): «فيقول».