الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 296 - الجزء 1

  الملائمة بينهما؛ لأن التغليط إنما يقتضي تغليظاً، والتخفيف تخفيفاً، فيرتفع ظن عِلِّية أحدهما في الآخر.

  مثاله: أن يقول القائس في التيمم: مسحٌ يراد به الصلاة فيُسنّ فيه التكرار كأعمال الوضوء. فيعترض بأن العلة - وهي كونه مسحاً - تخفيفٌ، والحكم الموجَب عنها - وهو التكرار - تغليظ، فلا ملائمة بين العلة وبين حكمها، فلا تكون باعثة عليه ولا أمارة له⁣(⁣١).

  (و) الرابع: (أن لا تكون العلة مجرد الاسم) كلو علَّل تحريم الخمر بكونها⁣(⁣٢) تسمى خمراً (إذ لا تأثير) له في التحريم؛ من حيث إنه⁣(⁣٣) مُتَّوقف على المواضعة، والمصلحة والمفسدة لا تتبعها⁣(⁣٤)، فهي طردية.

  (و) الخامس: (أن تطرد) بمعنى: أنها كلما وُجِدتْ وُجِدَ الحكم في جميع مواردها، وهذا (على) القول (الصحيح) فلا تثبت في محل مع تخلف حكمها، ويعبر عنه⁣(⁣٥) بنقض العلة وفسادها، ويعبر عنه أيضاً بتخصيص العلة. وذلك⁣(⁣٦) هو مذهب من منع منه⁣(⁣٧) وجعله قادحاً فيها، وهو اختيار القاضي وأبي الحسين وبعض الشافعية والحنفية، وهو الذي نصره الإمام المهدي #، وسواء كانت منصوصة أو مستنبطة، وتأولوا⁣(⁣٨) مسائل الاستحسان بأنها أُخرجت من عموم الخطاب لا من عموم القياس، أو من عموم القياس لكن مع جعلها جزءًا من


(١) الفرق بين الباعثة والأمارة: أن الباعثة وصف ضابط لحكمة مقصودة من شرع الحكم، والأمارة لا تكون كذلك، بل معرِّفة للحكم. أصفهاني.

(٢) في (ج): «بكونه».

(٣) أي: الاسم.

(٤) أي: لا تتبع المواضعة.

(٥) أي: تخلف حكمها عنها في بعض الفروع.

(٦) أي: شرط الاطراد.

(٧) أي: من تخصيص العلة. هامش (أ).

(٨) أي: الحنفية.