[الدليل الرابع القياس]
  الملائمة بينهما؛ لأن التغليط إنما يقتضي تغليظاً، والتخفيف تخفيفاً، فيرتفع ظن عِلِّية أحدهما في الآخر.
  مثاله: أن يقول القائس في التيمم: مسحٌ يراد به الصلاة فيُسنّ فيه التكرار كأعمال الوضوء. فيعترض بأن العلة - وهي كونه مسحاً - تخفيفٌ، والحكم الموجَب عنها - وهو التكرار - تغليظ، فلا ملائمة بين العلة وبين حكمها، فلا تكون باعثة عليه ولا أمارة له(١).
  (و) الرابع: (أن لا تكون العلة مجرد الاسم) كلو علَّل تحريم الخمر بكونها(٢) تسمى خمراً (إذ لا تأثير) له في التحريم؛ من حيث إنه(٣) مُتَّوقف على المواضعة، والمصلحة والمفسدة لا تتبعها(٤)، فهي طردية.
  (و) الخامس: (أن تطرد) بمعنى: أنها كلما وُجِدتْ وُجِدَ الحكم في جميع مواردها، وهذا (على) القول (الصحيح) فلا تثبت في محل مع تخلف حكمها، ويعبر عنه(٥) بنقض العلة وفسادها، ويعبر عنه أيضاً بتخصيص العلة. وذلك(٦) هو مذهب من منع منه(٧) وجعله قادحاً فيها، وهو اختيار القاضي وأبي الحسين وبعض الشافعية والحنفية، وهو الذي نصره الإمام المهدي #، وسواء كانت منصوصة أو مستنبطة، وتأولوا(٨) مسائل الاستحسان بأنها أُخرجت من عموم الخطاب لا من عموم القياس، أو من عموم القياس لكن مع جعلها جزءًا من
(١) الفرق بين الباعثة والأمارة: أن الباعثة وصف ضابط لحكمة مقصودة من شرع الحكم، والأمارة لا تكون كذلك، بل معرِّفة للحكم. أصفهاني.
(٢) في (ج): «بكونه».
(٣) أي: الاسم.
(٤) أي: لا تتبع المواضعة.
(٥) أي: تخلف حكمها عنها في بعض الفروع.
(٦) أي: شرط الاطراد.
(٧) أي: من تخصيص العلة. هامش (أ).
(٨) أي: الحنفية.