[الدليل الرابع القياس]
  وهي علل مستقلة للحدث؛ لثبوت الحدث بكلٍّ منها، وهو معنى الاستقلال، وأيضاً لو امتنع تعدد العلل لامتنع تعدد الأدلة؛ لما علمت أن العلل الشرعية أدلة. وقيل: لا يجوز. وقيل: يجوز في المنصوصة دون المستنبطة. وقيل: عكسه.
  هكذا ذكره جماعة من الأصوليين، كابن الحاجب وغيره، أعني: أنهم جعلوا مبنى الخلاف على جواز تعليل الحكم الواحد بعلتين فصاعدا أو منعه(١)، من غير فرق بين أن تكون العلتان على البدل(٢) أو مجتمعتين.
  وأما القاضي عبدالله فقد بنى مسألة عكس العلة على ما ذكروه، أعني: بناه على القول بجواز تعليل الحكم بعلتين كل واحدة منهما يثبت معها الحكم وإن فقدت الأخرى، وذكر أمثلة لذلك، منها: ما تقدم. ومنها: استباحة دم الآدمي يكون بالقصاص أو الكفر أو الزنا أو المدافعة. ومنها: تحريم الوطء يكون لعدم النكاح أو(٣) الملك، أو للحيض، أو للإحرام، أو للعدة، أو للصوم، إلى غير ذلك مما يكثر في أبواب الشرع، و لكنه قال: لا أعلم خلافاً في جواز تعليل الحكم الشرعي بعلتين كما ذكرنا، وحكى(٤) مثل ذلك عن الرازي، قال: وأما تعليل الحكم بعلتين مجتمعتين ففي ذلك صورتان: إحداهما: أن تكون العلتان في فرع اجتمعتا فيه، وكل واحدة منهما تثبت في أصل غير أصل الثانية، وهذه لا شبهة في صحتها وجوازها وتعليل الحكم بهما؛ إذ لا وجه يمنع من ذلك، مثال ذلك: ما ورد من تحريم الانتفاع بالنجس أكلاً وغيره الذي هو الميتة بعلة كونه نجساً، وما ورد من تحريم الانتفاع بالمسكر شرباً وغيره كالخمر ونحوها(٥) بكونها مسكرة، ثم إنا نعلل تحريم شربنا النبيذ بكونه مسكراً ونجساً.
(١) في (ب): «ومنعه».
(٢) في (ب): «البدلية».
(٣) الصواب العطف بالواو.
(٤) في (أ): «وحكي».
(٥) نحوه: (نخ)