الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 306 - الجزء 1

  قال الإمام المهدي #: وتوجيه هؤلاء هو الأصح؛ لما سيأتي من صحة التعليل بالقاصرة.

  ومنها: أنها إذا كانت متعدية⁣(⁣١) فيشترط فيها أن لا تكون هي المحل⁣(⁣٢) أو جزءاً من المحل اتفاقاً؛ لتعذر الإلحاق. ونعني بجزء المحل: الحقيقي؛ بأن يتركب محل الحكم منه ومن غيره، بحيث يكون كل منهما متقدماً عليه في الوجود ولا يُحمل عليه أصلاً، مثلاً: الخل الذي من السكنجبين جزء حقيقة لا يوجد في غيره، وأما مطلق الخل الذي يوجد فيه وفي غيره فليس جزءًا حقيقة. وأما القاصرة فلا مانع من أن تكون المحل أو جزءه، وتسمى: الموافقة⁣(⁣٣) والزَّمِنَة، وقد اختلف فيها، فعند الجمهور أنها صحيحة مطلقاً، كتعليل تحريم الربا في النقدين بجوهريتهما. وقال جمهور الحنفية: بل فاسدة مطلقاً. وقال أبوطالب والمنصور @ والكرخي وأبو عبدالله: إن كانت مستنبطة ففاسدة، وإن كانت منصوصة أو مجمعاً عليها فصحيحة؛ إذ الشرع محكّم على قضية العقل هنا.

  لنا: أن الظن حاصل بأن الحكم لأجلها؛ لأنه المفروض، وهو معنى صحة التعليل بالعلة؛ بدليل صحة المنصوص عليها اتفاقاً وإن لم يثمر النص إلا الظن، فلو كان معنى التعليل القطع بأن الحكم لأجلها لما جاز ذلك أيضاً. وقد⁣(⁣٤) تكون فائدتها معرفةُ الباعث ومنعُ الإلحاق⁣(⁣٥).


(١) المتعدية: هي التي تتجاوز الأصل فتوجد في غيره. هامش (أ).

(٢) مثال التعليل بالمحل قولك: الذهب ربوي؛ لكونه ذهباً. ومثال التعليل بجزء المحل: الترياق نجس؛ لدخول لحم الأفاعي فيه. شرح الغاية ٢/ ٥١٥.

(*) والترياق: فارسي معرب، وهو دواء مركب من عدة أشياء ومنها القريط وهو الأفيون، ولحم الأفاعي، وقد يطلق على الدواء مطلقاً.

(٣) أما تسميتها الموافقة فلأنها وافقت حكم الأصل لم تزد عليه، وأما تسميتها زمنة فلضعفها.

(٤) سقط من (ب): «قد».

(٥) هذا جواب عن حجة القائلين بأن العلة القاصرة فاسدة حيث قالوا: لو كانت صحيحة لكانت مفيدة؛ لأن إثبات ما لا فائدة فيه لا يصح شرعًا ولا عقلًا، لكنها غير مفيدة؛ =