الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 329 - الجزء 1

  علةٌ لعدم إعطائها حكم المقصود.

  (و) منها⁣(⁣١): أن يُفرِّق⁣(⁣٢) بين حكمين بصفةٍ، إما مع ذكرهما، مثل: (للراجل سهم وللفارس سهمان)⁣(⁣٣) وإما مع ذكر أحدهما فقط مقتطعاً⁣(⁣٤) من عموم سابق، كقوله ÷: «القاتل عمداً لا يرث» بعد نزول آية المواريث العامة، فإنه لم يتعرض لغير القاتل وإِرْثه. وجعل في الفصول من هذا قوله: «لا يقضي القاضي وهو غضبان» بعد تقدم الأمر بالقضاء مطلقاً، فإنه لم يتعرض لغير حالة الغضب. أو بشرطٍ أو غايةٍ أو استثناءٍ أو استدراكٍ، كقوله ÷: «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم»، فقد فرَّق بين حكمين - وهما: جواز التفاضل في غير الجنس، وتحريمه في الجنس - بشرط وهو الاختلاف، فهذا إيماء إلى أنه العلة، وهو مثال الشرط. وقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}⁣[البقرة ٢٢٢] فقد فرَّق بين حكمين - وهما: تحريم المقاربة وجوازها - بعلة⁣(⁣٥)، وهي الطهارة، فهذا إيماء إلى أنها العلة⁣(⁣٦)، وهو مثال الغاية. وقوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}⁣[البقرة ٢٣٧] فقد فرق بين حكمين - وهما: استحقاق النصف وسقوط استحقاقه - بالعفو، فهذا إيماء إلى أنه العلة، وهذا مثال الاستثناء. وقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}⁣[المائدة ٨٩] فقد فرق بين حكمين - وهما: المؤاخذة وعدمها - بتعقيد الأيمان المستدرك، وذلك إيماء إلى أنه العلة، وهو مثال الاستدراك.


(١) أي: من أنواع النص غير الصريح.

(٢) أي: يفصل.

(٣) فصل بين المجاهدين بصفة الفروسية وعدمها، فلولا أن الصفة هي العلة في استحقاق النصيب المسمى لما كان لذكرها وجه.

(٤) أي: مخرجا. من حاشية (ب).

(٥) لعلها: «بغاية».

(٦) وإلا لم يكن لذكر الغاية فائدة.