[الدليل الرابع القياس]
  علةٌ لعدم إعطائها حكم المقصود.
  (و) منها(١): أن يُفرِّق(٢) بين حكمين بصفةٍ، إما مع ذكرهما، مثل: (للراجل سهم وللفارس سهمان)(٣) وإما مع ذكر أحدهما فقط مقتطعاً(٤) من عموم سابق، كقوله ÷: «القاتل عمداً لا يرث» بعد نزول آية المواريث العامة، فإنه لم يتعرض لغير القاتل وإِرْثه. وجعل في الفصول من هذا قوله: «لا يقضي القاضي وهو غضبان» بعد تقدم الأمر بالقضاء مطلقاً، فإنه لم يتعرض لغير حالة الغضب. أو بشرطٍ أو غايةٍ أو استثناءٍ أو استدراكٍ، كقوله ÷: «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم»، فقد فرَّق بين حكمين - وهما: جواز التفاضل في غير الجنس، وتحريمه في الجنس - بشرط وهو الاختلاف، فهذا إيماء إلى أنه العلة، وهو مثال الشرط. وقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة ٢٢٢] فقد فرَّق بين حكمين - وهما: تحريم المقاربة وجوازها - بعلة(٥)، وهي الطهارة، فهذا إيماء إلى أنها العلة(٦)، وهو مثال الغاية. وقوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}[البقرة ٢٣٧] فقد فرق بين حكمين - وهما: استحقاق النصف وسقوط استحقاقه - بالعفو، فهذا إيماء إلى أنه العلة، وهذا مثال الاستثناء. وقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}[المائدة ٨٩] فقد فرق بين حكمين - وهما: المؤاخذة وعدمها - بتعقيد الأيمان المستدرك، وذلك إيماء إلى أنه العلة، وهو مثال الاستدراك.
(١) أي: من أنواع النص غير الصريح.
(٢) أي: يفصل.
(٣) فصل بين المجاهدين بصفة الفروسية وعدمها، فلولا أن الصفة هي العلة في استحقاق النصيب المسمى لما كان لذكرها وجه.
(٤) أي: مخرجا. من حاشية (ب).
(٥) لعلها: «بغاية».
(٦) وإلا لم يكن لذكر الغاية فائدة.