مسألة: [طرق العلة]:
[الطريق الثالث من طرق العلة: السبر والتقسيم]:
  (وثالثها) أي: الطرق: (السبر والتقسيم) السبر: هو أن يختبر الوصف هل يصح للعلة أو لا. والتقسيم: هو قولنا: العلة إما كذا أو كذا. (وتسمى) هذه الطريق في لسان الأصوليين(١): (حجة الإجماع) وذلك حيث يُجمع على أن حكم الأصل معلل على سبيل الجملة فقط، من دون أن ينعقد على تعيين علته(٢)، وإلا كان هو الإجماع، وقد تقدم، فقد عرفت الفرق بينهما.
  قال الإمام المهدي #: ووجه تسميته حجة إجماع أن المُعلِّل فيه يعود في تعيين الوصف الذي اختار كونه علة إلى الاحتجاج بالإجماع على أنه لا بد له من علة. وقال الإمام الحسن #: لو كان الإجماع على تعليل الحكم مستقلاً بإثبات العلة كما ذكره الإمام المهدي # في شرحه، وغيره من أصحابنا - لاستغنى عن الحصر والإبطال، والمناسبة والشبه، ولا بد قطعاً في إثبات العلة هذه من مسلك من هذه المسالك؛ للإجماع من الفقهاء على أن كل حكم لا بد له من علة على سبيل الشمول، لا الخصوص، كما يُؤْذِن به كلام المعيار، والجوهرة، فإذاً المسلك إلى إثبات العلة هاهنا هو الحصر والإبطال.
  (و) السبر والتقسيم: (هو حصر الأوصاف) الموجودة (في الأصل) الصالحة للعلّيّة في عدد. والتحقيق أن الحصر راجع إلى التقسيم. (ثم إبطال التعليل بها) والتحقيق أن الإبطال راجع إلى السبر. (إلا واحداً منها) وهو المُدَّعى علة، أو أكثر إن ادعيَ زائد عليه (فيتعين) كونه علة للحكم، مثاله: أن نقول في قياس الذرة على البر في تحريم التفاضل - وقد أُجْمِعَ على أن تحريمه لعلة من غير تعيين للعلة -: بحثت عن أوصاف البر فما وجدت ثَمَّة ما يصلح علة للربوية في بادئ الرأي إلا الطُّعم أو القوت أو الكيل، لكن الطعم والقوت لا يصلح لذلك عند
(١) في (ب) و (ج): «في لسان أصحابنا».
(٢) مثل إجماعهم على أنه لا بد من علة لتحريم التفاضل في الربويات، واختلافهم في تعيين تلك العلة.