مسألة: [طرق العلة]:
  التأمل؛ لجريان تحريم التفاضل في النورة - مثلاً - مع أنها ليست بمطعومة، وفي الملح مع أنه ليس بقوت، فيتعين الكيل. ويكفي(١) قوله: بحثت فلم أجد(٢)، ويصدق فيه؛ لعدالته وتدينه، وذلك مما يغلب ظن عدم غيره؛ لأن الأوصاف العقلية والشرعية مما لو كانت لما خَفِيت على الباحث عنها. أو يقول: لأن الأصل عدم غيرها، فإن بذلك يحصل الظن المقصود.
  ثم إن بين المعترض وصفاً آخر لزم المستدل إبطاله؛ إذ لا يثبت الحصر الذي قد ادّعاه المستدل بدونه(٣)، ولا يلزم انقطاعه(٤)؛ إذ غايته منع مقدمة من مقدمات دليله، ومقتضاه(٥) لزوم الدلالة عليها دون الانقطاع، وإلا لكان كل منع قطعاً، وهو خلاف الإجماع، والمجتهد يرجع في ذلك إلى ظنه.
[طرق إبطال ما عدا المدّعى أنه العلة]:
  نعم، (و) طرق (إبطال ما عداه) - أي: الباقي - ثلاث:
  (إما ببيان) المستدل (ثبوت الحكم) بالباقي في الصورة الفلانية فقط (من دونه) فيُعلم أن المحذوف لا أثر له. وهذا الطريق يسمى: الإلغاء. مثاله: القوت باطل؛ لأن الملح ربوي وليس بقوت (أو ببيان كونه وصفاً طردياً) من جنس ما علم من الشارع إلغاؤه، إما مطلقاً، كالاختلاف في الطول والقِصَر، فإنه لم يُعتبر في القصاص، ولا الكفارة، ولا الإرث، ولا العتق، ولا غيرها، فلا يُعلَّل به حكم أصلاً، وإما بالنسبة إلى ذلك الحكم وإن اُعتبر في غيره، وذلك كالذكورة والأنوثة في أحكام العتق، فإن الشارع وإن اعتبره
(١) أي: في حصر الأوصاف.
(٢) يعني أنه لا يشترط العلم في أن الوصف المتعين علة في الحكم، بل يكفي بحثت عن العلة فلم أجد إلا هذا الوصف بعد إبطال ما عداه. مرقاة الوصول للسيد داود ص ٤٤٥.
(٣) أي: بدون إبطال وصف المعترض.
(٤) أي: المستدل.
(٥) أي: المنع.