الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [طرق العلة]:

صفحة 336 - الجزء 1

  لكان هو الطريق، وليس مما نحن بصدده. ثم المراد بذلك الإجماع: إما على جهة الخصوص على ظاهر المعيار والجوهرة في حجة الإجماع والشبه فقط، ككون تحريم التفاضل مُجمعاً على تعليله - مثلاً، ثم يحصل التعيين بسبر أو شَبَهٍ، وفي المناسبة - أيضاً - على قول المُصَنِّف، كالإجماع على تعليل تحريم الخمر، ثم تعين علته بالمناسبة، وإما على جهة الشمول كما هو ظاهر المنتهى والفصول، ورجحه الإمام الحسن #.

  ومعناه: أن كل حكم غير تَعبّدي لا بد له من علة؛ لإجماع الفقهاء على ذلك، ولقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ١٠٧}⁣[الأنبياء]، كما أسلفنا تحقيق ذلك؛ لعدم خفاء حسن تقديمه على الفَطِن، مع ما في كلام المُصَنِّف هنا من عدم الإشعار بإرادة ذلك، لما علمت أنه جعله شرطاً، وهو لا يليق إطلاق الشرطية عليه؛ إذ هو دليل اعتبار⁣(⁣١)، فافهم.

[الطريق الرابع من طرق العلة: المناسبة]:

  (ورابعها) أي: الطرق (المناسبة، وتسمى: الإخالة) لأنها بالنظر إليها يُخال أنها علة، أي: يُظن (وتخريج المناط) لأن العلة أبداً يناط بها الحكم، أي: يُعلّق عليها الحكم، وبالمناسبة يستنبط⁣(⁣٢)، أي: يستخرج، فكأنه قال: تخريج العلة (وهي) أي: المناسبة، حاصلها (تعيين العلة) في الأصل (بمجرد إبداء مناسبة) بينها وبين الحكم (ذاتية) أي: من ذات الوصف، لا بنص ولا بغيره (كالإسكار في تحريم الخمر) فإن النظر في المسكر وحكمه ووصفه⁣(⁣٣) يعلم منه⁣(⁣٤) كون الإسكار


(١) هذه المسالك؛ لأن دليل دليل العلة كما تقدم. هامش (أ).

(٢) في (ج): تستنبط: تستخرج.

(٣) حكمه: التحريم، ووصفه: الإسكار.

(٤) أي: من النظر.