[معاني الصلاة، وحكم الصلاة على غير الأنبياء $]
  قال الإمام شرف الدين #: وقد ذكر العلماء معاني الصلاة، وهي في الأصل بمعنى الدعاء في جميع وجوهها، وهي في حق الباري ø مجاز عن الرحمة؛ لأن الداعي لغيره راحم له، فإذا قلت: «اللهم صلِّ على فلان» فقد استعملت الصلاة التي بمعنى الدعاء في الرحمة التي هي سبب الدعاء، فأطلقتَ اللفظ الدالّ على المسبب وأردت به السبب، وذلك من قبيل المجاز العقلي(١).
  وهذا في أصل استعمال الصلاة، فأما الصلاة على نبينا محمد ÷ فقد صارت حقيقة شرعية في معنى آخر، وهو الإجلال والتعظيم، وطلب ذلك من الباري - جل وعلا - على غاية ما يُمكن طلبُه من المعبود لأحبِّ عباده إليه، وأجلِّهم لديه، وهذا الطلب تعظيم أيضاً من الطالب للمطلوب له؛ وبهذا فارقت ما ورد(٢) من الصلاة على غيره ÷، كما في قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة ١٠٣]، وقوله ø: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}[الأحزاب ٤٣]، وقول الرسول ÷: «اللهم صلِّ على آل أبي أوفى»، وقوله ÷: «وصلَّت عليكم الملائكة»، وأمثال ذلك، فإنها في نحو(٣) ذلك دعاءٌ بالرحمة من الله - سبحانه - للمُصَلَّى عليه، وسؤالٌ للدُّعاء بها من غيره؛ ولهذا نَصَّ المحققون على أنه لا يجوز إطلاق(٤) الصلاة على غير النبي ÷.
  هذا حاصل ما ذكره # برواية المصنف ¦.
  قلت: ومذهب الإمام شرف الدين # عدمُ جوازِ الصلاة على غير الأنبياء،
(١) المجاز العقلي: هو اسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له لملابسة مع قرينة، ويسمى المجاز الحكمي، ومجاز الإسناد.
(*) قال في هامش (م) و (ج): والأولى جعل هذا المجاز من اللغوي المرسل، كما هو محقق في علم المعاني والبيان.
(٢) في (أ): ما قد ورد.
(٣) في (ج): أمثال.
(٤) في (ج): إطلاق لفظ الصلاة.