الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[خاتمة باب الأدلة: الحظر والإباحة]

صفحة 421 - الجزء 1

  كمكافأة المسيء - فمكروه، وإن لم يشتمل عليها فمباح، كفعل الصبي. إنما⁣(⁣١) الخلاف في الفعل الذي لا يدرك العقل فيه بخصوصه جهة محسّنة أو مقبّحة، كالمشي في الفضاء، وأكل الفواكه، ونحو ذلك مما تقدم، ولا حَكَم⁣(⁣٢) فيه بحكم خاص تفصيلي في فِعْلِ فِعْلٍ⁣(⁣٣)، فحكم العقل فيه على الإجمال أنه محرم أو مباح، قال الإمام الحسن #: وذكر غير واحد من الأشاعرة أن المراد هو أن العقل يحكم فيما هو كذلك بأنه حرام في حكم الشارع، وإن لم يظهر الشرع أو لم يبعث النبي، أو مباح كذلك، فيحقق.

  (لنا: أنا نعلم) قطعاً (حسن ما ذلك حاله) من الانتفاع مع انتفاء المضرة (كعلمنا بحسن الإنصاف، وقبح الظلم، والله أعلم) من غير تَفْرِقة⁣(⁣٤)؛ إذ لا موجب للفرق؛ ولذا قال الأستاذ⁣(⁣٥): من ملك بحراً لا ينزف، و اتصف بغاية الجود، وأحبَّ مملوكه قطرةً من ذلك البحر، فكيف يدرك بالعقل تحريمها؟

  وتناول العبد للمستلذات التي خلقها الله تعالى بمنزلة تناول المملوك قطرة من بحر مالكه، بل أقلّ، فكيف يحكم العقل بتحريمه؟

  وأيضاً فإنه لا وجه يمنع من حسن الانتفاع؛ إذ خلق العبد وما ينتفع به من نحو الطعم؛ وما ذلك إلا لينتفع به، فالحكمة تقتضي إباحته إياه؛ تحصيلاً لمقصود خلقهما، وإلا لكان عبثاً خالياً عن الحكمة، وإنه نقص، فلا يُحْظر إلا بدليل⁣(⁣٦).


(١) في (ب) «وإنما».

(٢) في (ج): «ولا يحكم».

(٣) في (ب) لفظة: «فعل» مرة فقط.

(٤) أي: بين الفعلين ليخرج ما تقوله الأشاعرة. هامش كاشف لقمان.

(٥) وقد تقدمت ترجمته.

(٦) أي: دليل خاص يعلم به حظر ذلك. مرقاة السيد داود.