[تقسيم آخر للمنطوق]
  فقد عرفت بأن الدلالات ثلاث(١): دلالة مطابقة: وهي دلالة المفرد على ما وضع له. وتضمُّن: وهي دلالته على جزئه. والتزام: وهي دلالته على لازمه.
  وغير الصريح ينقسم إلى: دلالة اقتضاء، وإيماء، وإشارة؛ لأن اللازم إما أن يكون مقصوداً للمتكلم أو لا (فإن قصد) فذلك بحكم الاستقراء قسمان:
  أحدهما: أن يتوقف الصدق أو الصحة العقلية أو الشرعية عليه(٢).
  (و) الثاني: أن لا يتوقف ذلك عليه، فإن (توقف الصدق أو الصحة العقلية أو الشرعية عليه فدلالة اقتضاء) أما الصدق فهو (مثل) قوله ÷: («رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان») أي: العقاب والمؤاخذة، إلا ما خصه دليل، كإيجاب الكفارة على الحانث والمفطر الناسيَيْن، ولو لم يُقدّر المؤاخذة ونحوها لكان كاذباً(٣)؛ لأنهما لم يُرفعا(٤).
  وأما الصحة العقلية فنحو قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف ٨٢] أي: أهل القرية؛ إذ لو لم يُقدّر ذلك لم يصح عقلاً؛ لأن سؤال ا لقرية لا يصح عقلاً. (و) أما الصحة الشرعية فمثل قول القائل: (اعتق عبدك عني على ألف) لاستدعاء العتق تقرير الملك، فكأنه قال: اعتقه عني مُملِّكاً لي على ألف؛ لتوقف صحة العتق عليه؛ لأن العتق - كما علمت - بدون المِلْكِ لا يصح شرعاً.
  (وإن لم يتوقف) ذلك على المقصود (واقترن) الملفوظ الذي هو مقصود
(١) ومثال ذلك من الكتاب العزيز قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}[المائدة ٦]، فدلالته على استيعاب الوجه بالمطابقة، وعلى اللحية بالتضمن؛ لأنها قد تضمنها الوجه؛ لأنها جزء منه، وكذا المضمضة والاستنشاق، وعلى تدخيل جزء من الرأس بالالتزام، لأنه يلزم من استكمال الوجه أن تُدخل جزءًا من الرأس. المختصر المفيد للسيد العلامة الحجة الحسين بن يحيى المطهر قدس الله روحه ص ٢٢ ط/الأولى.
(٢) أي: على قصد ذلك اللازم.
(٣) لأنه لم يطابق الواقع مع عدم التقدير.
(*) وعبارة كاشف لقمان: لكان كذباً.
(٤) إذ المعلوم أنهم ينسون ويخطئون. كاشف لقمان.