الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[تقسيم آخر للمنطوق]

صفحة 428 - الجزء 1

  المتكلم (بحكم) أي: وصفٍ (لو لم يكن) ذلك الوصف (لتعليله) أي: كونه علة للحكم (لكان) اقتران المقصود به (بعيداً - فتنبيه نص وإيماء، نحو) ما قال الأعرابي: هلكتُ وأهلكتُ، فقال ÷: ماذا صنعت؟ فقال: واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال: اعتق رقبة، أو (عليك الكفارة، جواباً لمن قال) وهو الأعرابي: (جامعت أهلي في نهار رمضان)⁣(⁣١) وذلك لأنه لو لم يكن ذكر⁣(⁣٢) الحكم جواباً للأعرابي لتحصيل غرضه لزم اخلاء السؤال عن الجواب، وتأخير البيان عن وقت الحاجة، كما قد مر في القياس. ونحو⁣(⁣٣) ما روي: أنه ÷ امتنع عن الدخول على قوم عندهم كلب، فقيل له: إنك تدخل على آل فلان وعندهم هرة، فقال: («إنها ليست بسَبُعٍ) إنها من الطوافين عليكم والطوافات» جواب إنكار المنكر دخوله بيتاً فيه هرة، فلو لم يكن ذكر الطواف ونفي السبعية أو النجاسة - كما قيل: إنه ÷ قال: إنها ليست بنجس - للتعليل للزم إخلاء السؤال عن الجواب، وتأخير البيان، وذلك بعيد جداً. ونحو ما روي عن عمر أنه سأل النبي ÷ عن قُبْلةِ الصائم، هل تفسد الصوم؟ فقال: («أرأيت لو تمضمضت بماءٍ) ثم مججته أكان ذلك يفسد الصوم؟» فقال: لا، لدفع كون القبلة تُفَطِّر، فذكر حكم المضمضة - وهو عدم الإفساد - ونبّه على عليّته - وهو عدم ترتّب المقصود - أعني: الشرب - عليها ليعلم أن القُبلة أيضاً لا تُفْسِد؛ لعدم ترتب الوقاع عليها، وهذا مثال ما اقترنت فيه العلة بحكم لو لم يكن نظيرها علة له لكان ذِكْر الشارع لذلك الحكم بعيداً. والأولان مثالان لاقتران عينهما، وقد تقدم تحقيق ذلك في باب القياس.


(١) فإن الأمر بالتكفير قد اقترن بوصف وهو المجامعة في نهار رمضان الذي لو لم يكن لتعليله، أي: لبيان أن العلة في الاعتاق هو الوقاع في ا لصوم لكان بعيداً. كاشف لقمان.

(٢) في (ج): «ذلك».

(٣) في (أ): «أو نحو».