[المفهوم وأقسامه]
  أي: معناه، قال تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}[محمد ٣٠]، واللحن قد يطلق في اللغة، على الفطنة، وعلى الخروج من الصواب. (نحو) قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}[الأنفال: ٦٥] (فإنه يدل) بمفهومه (على وجوب ثبات الواحد للعشرة) إذ يعلم من حال ثبات العشرين للمائتين المنطوق به حال ثبات الواحد للعشرة(١) المفهوم منه، مع الاتفاق في الحكم، وهو وجوب الثبات فيهما، لكن تلك الدلالة لا بطريق الأَوْلى؛ إذ ليس أشد مناسبة في المسكوت عنه منه في المذكور(٢)، بل هو في حق العشرين أشد؛ لحصول التظافر. ومنه: إلحاق الأمة بالعبد في سِراية العتق، كما مر تمثيله.
  قلت: وما ذكره المصنف(٣) من تسمية الأول خصوصاً فحوى الخطاب، والثاني كذلك لحن الخطاب - فهو المذكور للسبكي في جَمْع الجوامع، وأما الباقون فلم أرَ أحداً فيما عثرت(٤) عليه من كتب الأصول فعل هكذا، بل يقولون: إن مفهوم الموافقة من أصله يسمى: فحوى الخطاب، ولحن الخطاب ويخص(٥) الثاني عندهم بأنه ما في معنى الأصل.
  واعلم أنه يؤخذ بهما عند أئمتنا $ والجمهور، خلافاً لبعض الظاهرية فيهما، ويسمى منكرهما: سوفسطائي الشرع؛ لدفعه ما تقضي به ضرورةُ النصِّ.
  وهما قطعيان إذا كان أصلُهما قطعيًّا(٦)، والتعليلُ بالمعنى قطعيًّا، كالأمثلة المذكورة.
(١) لأن العشرين عشر المائتين، والواحد عشر العشرة.
(٢) في (ج): «في حق المذكور».
(٣) في (أ) و (ب): «المؤلف».
(٤) أي: أطلعت عليه.
(٥) في (أ): «ويختص».
(٦) فمثال الأولى: قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فإن أصل المفهوم الآية، وهي قطعية. ومثال المساوي: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ} فإن أصل المفهوم قطعي، وهو الآية.