الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[المفهوم وأقسامه]

صفحة 431 - الجزء 1

  أي: معناه، قال تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}⁣[محمد ٣٠]، واللحن قد يطلق في اللغة، على الفطنة، وعلى الخروج من الصواب. (نحو) قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}⁣[الأنفال: ٦٥] (فإنه يدل) بمفهومه (على وجوب ثبات الواحد للعشرة) إذ يعلم من حال ثبات العشرين للمائتين المنطوق به حال ثبات الواحد للعشرة⁣(⁣١) المفهوم منه، مع الاتفاق في الحكم، وهو وجوب الثبات فيهما، لكن تلك الدلالة لا بطريق الأَوْلى؛ إذ ليس أشد مناسبة في المسكوت عنه منه في المذكور⁣(⁣٢)، بل هو في حق العشرين أشد؛ لحصول التظافر. ومنه: إلحاق الأمة بالعبد في سِراية العتق، كما مر تمثيله.

  قلت: وما ذكره المصنف⁣(⁣٣) من تسمية الأول خصوصاً فحوى الخطاب، والثاني كذلك لحن الخطاب - فهو المذكور للسبكي في جَمْع الجوامع، وأما الباقون فلم أرَ أحداً فيما عثرت⁣(⁣٤) عليه من كتب الأصول فعل هكذا، بل يقولون: إن مفهوم الموافقة من أصله يسمى: فحوى الخطاب، ولحن الخطاب ويخص⁣(⁣٥) الثاني عندهم بأنه ما في معنى الأصل.

  واعلم أنه يؤخذ بهما عند أئمتنا $ والجمهور، خلافاً لبعض الظاهرية فيهما، ويسمى منكرهما: سوفسطائي الشرع؛ لدفعه ما تقضي به ضرورةُ النصِّ.

  وهما قطعيان إذا كان أصلُهما قطعيًّا⁣(⁣٦)، والتعليلُ بالمعنى قطعيًّا، كالأمثلة المذكورة.


(١) لأن العشرين عشر المائتين، والواحد عشر العشرة.

(٢) في (ج): «في حق المذكور».

(٣) في (أ) و (ب): «المؤلف».

(٤) أي: أطلعت عليه.

(٥) في (أ): «ويختص».

(٦) فمثال الأولى: قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فإن أصل المفهوم الآية، وهي قطعية. ومثال المساوي: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ} فإن أصل المفهوم قطعي، وهو الآية.