الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه: [الخلاف في دلالة الأولى والمساوي]:

صفحة 432 - الجزء 1

  ويشترط في الأول خاصة: أن يكون كونه أشد مناسبة للفرع قطعيًّا. وظنيان⁣(⁣١) إذا اختل شرط⁣(⁣٢)، كقول الشافعي: إذا كان القتل الخطأ يوجب الكفارة فالعمد أولى، وإذا كان اليمين غير الغموس توجب الكفارة فالغموس أولى. وإنما قلنا: إنه ظني لجواز أن لا يكون المعنى⁣(⁣٣) ثَمَّ الزجرَ الذي هو أشد مناسبة للعمد والغموس، بل التدارك والتلافي للمضرة، وربما لا يقبلهما العمد والغموس لعظمهما.

تنبيه: [الخلاف في دلالة الأولى والمساوي]:

  قد عرفت مما ذُكر أن دلالة الأَوْلى والمساوي لفظية⁣(⁣٤)، وهو قول كثير من العلماء، لكن اختلفوا، فمنهم من قال: هو من باب المفهوم، وهو قول الحنفية وغيرهم، وهو الذي اعتمده في الكتاب في هذا المقام.

  ومنهم من قال: هو من باب المنطوق، وهو قول الآمدي والغزالي، لكنهما قالا: فهِمت من السياق والقرائن، لا من مجرد اللفظ، وهي حينئذٍ مجازية، من إطلاق الأخص على الأعم، فأطلق المنع من التأفيف في آية الوالدين وأريد المنع من الإيذاء. وقيل: نقل اللفظ للدلالة على الأعم عرفاً، بدلاً عن الدلالة على الأخص لغةً، فتحريم ضرب الوالدين على هذين القولين من المنطوق، وإن كان بالقرينة.

  وقال الشافعي، والجويني، والرازي: بل دلالة الأولى والمساوي قياسية - أي:


(١) معطوف على «قطعيان»، أي: وهما ظنيان إذا اختل ... الخ.

(٢) بأن يكون أصلهما غير قطعي، أو التعليل بالمعنى غير قطعي، كقول الشافعي الذي ذكره المؤلف، أما أمثلة اختلال الشرط الأول - وهو حيث يكون أصلهما ظنيًّا - فمثال الأولى: قول الرسول ÷: «لا يقضي القاضي وهو غضبان»، فمفهومه أن زائل العقل بالأولى، والخبر آحادي، وهو ظني؛ فكان المفهوم ظنياً، ومثال المساوي: «من أعتق شركاً له في عبد ...» الخبر. فمفهومه أن الأمة كذلك، والخبر آحادي، وهو ظني؛ فكان المفهوم ظنيًّا.

(٣) أي: لجواز أن لا تكون العلة في وجوب الكفارة في قتل الخطأ واليمين غير الغموس هي الزجر.

(٤) فلا مدخل للقياس فيها. الدراري المضيئة.